عندما ينظر المرء الى نشأة الصحافة في اي بلد من البلدان يجد انها تنشأ بادئ امرها ادبية، وسبب ذلك انها تجد في الادب مقصدها كما ان الادباء يجدون فيها متنفساً وميداناً لما تنفثه اقلامهم فيخلصون في مدها بأنفس ما يبدعون من شعر ونثر. كان ذلك عند النشأة الاولى للصحافة في كل بلد وطبعي ان تسير صحافتنا في هذه البلاد على هذا النسق المألوف في كل بلد؛ وطبعي ايضاً ان تتخفف من هذا النهج بعدما امتها مشغلات أخر، شأنها في ذلك ايضاً كالصحافة في كل البلاد. وطبعي ايضاً ان يقلص ظل الادب فيها حيث زحمته المشغلات الأخر كالرياضة والادب العامي والصورة والخبر والاعلان ونحو ذلك، الا ان الاقتصاد والسياسة كانتا فيها صاحبتا الحظ الاوفر وبخاصة في هذه الصحيفة - صحيفة الرياض - هذه التي استحقت هذا التقدير وبخاصة رئيس تحريرها الأستاذ تركي بن عبدالله السديري، هذا الذي تميز طرحه الاقتصادي والسياسي والاجتماعي حتى استحق التقدير من الجميع، فنحن حينما نهنئه بهذا التقدير انما نهنئ انفسنا، ذلك ان تميزه انما هو شاهد تميز هذه الفئة من المثقفين الذين يأتي الأستاذ تركي السديري في مقدمتهم، بل انه في تميزه يعد فريداً في ميدانيه، كيف لا وقد شهد له القاصي والداني بهذا التميز الذي اكده معهد الشرق الاوسط لتقنية المعلومات الاقتصادية والتجارية فمنح صحيفته جائزة التميز الصحفي على المستوى الخليجي حسب تصنيف المعهد، فنحن حينما نقدم له التهنئة انما نهنئ انفسنا كما اسلفت غير ان هناك ما تحسن الاشارة اليه، وهو ما قد يجهله بعضهم، اعني ذلك الجانب الادبي في حياة الأستاذ تركي السديري. انه قارئ متميز عرفت من طريقه كثيراً من الكتب الادبية قديمها وحديثها وذلك حين كنا صغارا نتلمس الطرق للكتب النافعة، ومما عرفته من طريقه طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي، ومن الحديث كتاب الموازنة للدكاترة زكي مبارك. فلقد كنت استعير منه تلك الكتب فأقرؤها وكنت اذ ذاك طالباً في معهد الرياض العلمي فإذا اعجبت بالكتاب بحثت عنه واشتريته. وكان الأستاذ تركي السديري اذ ذاك يعجب بالروايات ويحاول الكتابة فيها، ولذا فإني في هذه المناسبة اسأله عن تلك الرواية التي كتبها في تلك السن المبكرة واشد ما اخشاه ان يكون نصيب تلك الرواية كنصيب - الزهرة المحترقة - تلك التي كتبتها وانا طالب في السنة الرابعة من الكلية، وها انا انبشها من مرقدها ولكن مازلت متردداً في نشرها على رغم ما يصفها به بعض الاحباب. لنعد الى الأستاذ تركي بن عبدالله السديري وتهنئته بتقدير صحيفته فأقول هنيئاً لك ولصحيفة الرياض، بل ولصحافتنا بوجه عام فإن هذه الشهادة من ذلك المعهد لم تأت من فراغ وانما جاءت نتيجة متابعة دقيقة اتسمت بالعمق في النظرة والدقة في المتابعة وتحر متحفظ للصواب. لقد كان الاولى ان تأتي هذه الشهادة من الداخل اولاً ثم يأتي دور الآخرين ولكنهم ابو الا ان يسبقوا فأتى قولهم سابقاً وموفقاً وما هو الا قولنا فنحن هم وهم نحن فكر واحد ومجتمع واحد وثقافة واحدة ولغة واحدة وهكذا. على ان هذا التقدير لا يعني تأخر صحفنا الأخريات في هذا الميدان الذي تميزت فيه صحيفة الرياض. وفقنا الله جميعاً لصالح القول والعمل.