لم أكن واحداً فقط ممن يكن هذه المشاعر الصادقة نحو رجل رأيت فيه سر نجاح «الرياض» بل جميع من كان له شرف التتلمذ في مدرسة «الرياض» وحظي بتعامل استاذها وتوجيهاته، ولعل كثيرين يدرك أن تلك الكفاءات المتألقة في علم الصحافة العاملة في «الرياض» على مدى أربعين عاماً هم من تتلمذوا على يد أستاذها تركي السديري، الذي أعطاهم من جهده ووقته كثيراً، حتى كان لهم هذا الحضور الإعلامي البارز.. ولجريدتهم هذه المكانة العربية بما هي عليه من مستوى فكري ومعرفي، جعل منها منبراً إعلامياً تميزت بصحتها الإعلامية من غيرها من الصحافة العربية المحلية. سمة الأوفياء وعشاق العطاء والوفاء. قرابة أربعين عاماً خبرت من خلالها ثنايا «الرياض» وعوامل تماسكها ونجاحاتها.. أدركت بعد أن تفاني ربانها في رعايتها وإنعاشها.. أنه هو السبب الأول الذي جعل منها صرحاً يعانق قمم المجد الإعلامي. الأستاذ الكبير تركي - أمد الله في عمره - جمع بين مهارة القيادة وفن التعامل، جعل من نفسه الأخ والصديق والأب لكل من تعامل معه، كانت إنسانيته بارزة في أي موقف يجب أن يكون لها فيه حضور، وكان حزمه حاضراً في أي موقف يتطلب الحزم بغية الإصلاح، كانت قراراته بحلوها ومرها محل قبول وتقدير؛ لأنها بنيت على إيجابية مقصدها التميز. قرابة أربعين عاماً استعدت ذكراها وحلاوة سنينها ونجاحاتها، طافت بي الذاكرة عندما أيقظها قرار رجل الصحافة السعودية وعرابها الأستاذ تركي السديري، حين قرر أن يترجل من كرسي رئاسة تحرير «الرياض» بعدما عانقت سماء الصحافة العربية بشموخ فاق كل التوقعات.. لتصبح منبراً إعلامياً فعالاً بما تميزت به من مهنية عالية، وموضوعية راقية، في طرحها وتناولها لكل حدث. رحيل الأستاذ تركي عن رئاسة التحرير خبر ترك في أنفسنا جميعاً شيئاً من الصدمة، بعد أن اعتدنا على قامة عطاء وإخلاص، ليست نبراساً لصحيفة «الرياض» فقط بل للصحافة السعودية والخليجية، ولكن عزاؤنا أنه لن يكون بعيداً عنا وعن «الرياض».. بإشرافه على التحرير.. وهذا عزاؤنا الكبير في أن عطاء رجل العطاء الإعلامي «تركي السديري سيظل قائماً، وستنعم به صحيفتنا «الرياض» وصحافتنا السعودية والخليجية والعربية. دعواتنا أن يمد الله في عمر أستاذ له علينا وعلى وسطنا الإعلامي حق.. ستبقى «الرياض» بحضور عرابها وقبطانها «تركي» قائمة شامخة.. بإذن الله.