استضافت حكومة المملكة اليوم الأربعاء الاجتماع التمهيدي الخاص بالتعافي وإعادة الإعمار في اليمن، بحضور دولة رئيس الوزراء اليمني د.أحمد بن دغر؛ وذلك لهدف تبادل وجهات النظر واستعراض مدى استعداد الدول والمنظمات الإقليمية والدولية المانحة للمشاركة في تقديم الدعم بما في ذلك الدعم المالي للشروع في عملية التعافي وإعادة الإعمار في اليمن. وتتولى وزارة المالية بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وبناءً على توصية من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد؛ قيادة وتنظيم هذا الاجتماع، الذي يُعد بداية إلى الدفع بالالتزامات الإقليمية والدولية للمشاركة في دعم عملية التعافي وإعادة الإعمار في اليمن على المديين القصير والمتوسط في إطار السياق الراهن للازمة وما بعد الأزمة. وخلال افتتاح الاجتماع ألقى محمد الجدعان وزير المالية كلمة رحب فيها بالحضور، مثمناً التزامهم الجاد بالعمل لمساعدة الشعب اليمني في استعادة حياته الكريمة. وأشار إلى أن هذا الاجتماع يأتي تأكيداً للاتفاق الذي تم خلال الاجتماع التحضيري الذي جرى في العاصمة واشنطن، يوم 23 أبريل الشهر الماضي مع البنك الدولي، متطلعاً إلى أن ينتهي هذا الاجتماع إلى رؤية مشتركة حول ما يمكن القيام به للاستجابة الفورية لأزمة الأمن الغذائي في اليمن، ودور الدول والمنظمات في توفير الاحتياجات المهمة والضرورية للميزانية اليمنية على المدى القصير، وأن يتم وضع خارطة طريق مشتركة تُحقق أهداف الاجتماع بشأن أولويات احتياجات التعافي والتعمير على مدى الأجلين القصير والمتوسط. مؤكداً أن المطلوب تضافر الجهود الدولية، وبذل الدعم للمساعدة في تحسين حياة الشعب اليمني، التي تعاني منذ مدة طويلة جداً، بحيث لا تتوقف تلك الجهود عند الاستجابة للأزمات على المدى القصير فقط، إنما تتجاوزها إلى العمل الفعلي لمساعدة اليمن للتعافي من أزمته الحالية، والشروع في إعادة الإعمار كهدف رئيس لتحقيق الحياة الكريمة للشعب اليمني. وذكر الوزير الجدعان أن هناك مشروع خطة للتعافي وإعادة الإعمار في اليمن من قبل البنك الدولي سيتم عرضها خلال الاجتماع. متوقعاً أن يخرج هذا الاجتماع بتوجيه مشترك حول ما يمكن القيام به لتلبية احتياجات اليمن على المديين القصير والمتوسط. وأن تؤكد الدول المشاركة استعدادها تقديم الدعم المالي والفني لتعافي اليمن وإعادة الإعمار. وهذا من شأنه أن يُعطي مؤشراً قوياً وإيجابياً للمجتمع الدولي، بما يشجعه على الوقوف بشكل موحد إلى جانب اليمن والبدء في الاستثمار من أجل مستقبله. وأكد أن حكومة المملكة ستكون في طليعة المجتمعين الإقليمي والدولي لتقديم الدعم لليمن لتحقق الأهداف من أجل تعافي وإعادة الإعمار في اليمن. عقب ذلك؛ ألقى الدكتور حافظ غانم نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا كلمة أعرب خلالها عن سعادته بالتزام المجتمع الدولي في دعم عملية التعافي وإعادة الإعمار في اليمن، كما أبدى استعداد البنك الدولي للشراكة مع الجميع من أجل تقديم الدعم والمساعدة للشعب اليمني. من جهته ألقى الدكتور محمد السعدي وزير التخطيط والتعاون الدولي في الجمهورية اليمنية، كلمة قدم شكره وتقديره للمملكة العربية السعودية حكومة وشعبا، ولكل المانحين الذين يقفون معه في هذه المرحلة الحساسة والمفصلية في حياة المجتمع اليمني وهو يخوض مع دول التحالف العربي بقيادة المملكة، معركة استعادة اليمن المخطوفة من قبل الانقلابين الحوثيين واتباع النظام السابق. وأوضح أن هذا الاجتماع ليس الا تعبيرا صادقا عن وقوف المجتمع الإقليمي والدولي مع اليمن وتلبية الاحتياجات الطارئة الإنسانية والتنموية واستعادة التعافي الاقتصادي والمضي في برنامج إعادة الاعمار والتنمية. وقال الدكتور السعدي :" إن الوضع العام الأمني والسياسي والإنساني شهد تدهورا غير مسبوق في كل الجوانب، فالنمو الاقتصادي انكمش بحوالي 34% في عام 2015 وتوقفت كثير من الأنشطة الاقتصادية وارتفعت نسبة الفقر إلى أكثر من 60% من السكان، وبات حوالي 16 مليون فرد يكابدون أوضاع الجوع والفقر، ويعاني أكثر من 50% من السكان من انعدام الأمن الغذائي، وغياب الخدمات الأساسية"، مبينًا أن 22 مليون من السكان بحاجة إلى مساعدة إنسانية، فضلا عن نزوح أكثر من 3 مليون فرد في الداخل والخارج. وأفاد أنه نتيجة لحجم الخسائر والاضرار الاقتصادية والاجتماعية، تشكلت لجنة وزارية عليا لإعادة الاعمار وتم إعداد إطار عام لبرنامج الإعمار، بالتنسيق وبدعم من شركاء التنمية من البنك الدولي والاتحاد الاوربي والامم المتحدة والبنك الإسلامي للتنمية. وأعرب عن تطلعه في المرحلة الحالية إلى دعم استثنائي من الشركاء الدوليين والاقليميين، والاستجابة الفورية للاحتياجات الإنسانية والتنموية العاجلة، لإعادة اعمار اليمن. وأشار السعدي في كلمته إلى عدد من المبادرات لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وللبنك الدولي والبنك الإسلامي والاتحاد الأوربي، التي لا يمكن حصرها، مقدمًا شكره وتقديره لهم. تلا مراسم الافتتاح جلسات الاجتماع؛ حيث ناقشت الجلسة الأولى التي رأسها رئيس البنك الإسلامي للتنمية، الاستجابة الفورية للأزمة الغذائية، متناولةً ما يواجه اليمن من أزمة غذائية غير مسبوقة، مع مخاطر عالية للمجاعة، حيث يواجه نحو (65 %) من السكان نقصاً حاداً في إمكانية الحصول على الغذاء. بينما ناقشت الجلسة الثانية التي رأسها المدير العام الإقليمي في البنك الدولي أسعد علم الاحتياجات العاجلة لدعم الميزانية، متناولةً ما يعانيه اليمن من أزمة مالية جراء انهيار الإيرادات، كما أن العديد من الجهات الإدارية للدولة لا تقوم بالتوريد لإيراداتها، ومعظم الالتزامات الائتمانية الخارجية لليمن لم يتم الايفاء بها منذ مدة، وهناك حاجة ملحة لتقديم الدعم لتلبية الاحتياجات الرئيسة للميزانية بما في ذلك ضمان تغطية الالتزامات الخارجية لليمن. أما الجلسة الثالثة التي رأسها وزير المالية السعودي الأستاذ محمد الجدعان استعرضت مسودة خطة عمل التعافي وإعادة الإعمار في اليمن، والتي أكدت الحاجة الماسة إلى هذه الخطة، التي من شأنها أن تُحدد احتياجات الاستقرار الفوري، وأولويات الاستثمارات القصيرة والمتوسطة الأمد في مجالات البنية التحتية الأساسية، والاجتماعية والمادية في مختلف القطاعات، فضلاً عن جغرافيا السياسات ودعم الدولة لتولي واجباتها، ومن شأن الخطة أن تساعد على توفير إطار للسلطات اليمنية والشركاء الخارجيين لدعم التعافي وإعادة الإعمار. واخُتتمت جلسات الاجتماع بالجلسة الرابعة، التي تناولت مؤشرات المانحين لتقديم الدعم المالي لليمن، ورأسها نائب رئيس مجموعة البنك الدولي، حيث تضمنت هذه الجلسة مداخلات المانحين، وآراء الدول والمنظمات الاقليمية والدولية المانحة بشأن أولويات واتجاهات الدعم المتوقع منها لليمن، وإبداء رغبتها في تقديم الدعم المالي. الجدير بالذكر أن الاجتماع شارك فيه ممثلون رفيعي المستوى من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودول مانحة أخرى تشمل مجموعة الدول الصناعية السبع، بالإضافة إلى ممثلين عن المؤسسات والهيئات المالية الاقليمية والدولية، بما فيها الصناديق التنموية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، وصندوق النقد العربي، والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والبنك الاسلامي للتنمية. هذا وقد وجهت الدعوة إلى 64 بلداً وجهة مانحة لحضور الاجتماع. هذا وقد أكد المشاركون في الاجتماع إدراكهم للتحديات التي يواجهها الشعب اليمني، وكفاحه من أجل بناء مستقبل أفضل، كما أكدوا دعمهم الكامل والتزامهم للمساعدة في بناء يمن مستقر ومزدهر.