أعشق البحث عن الفوارق الدقيقة بين المترادفات والكلمات المتقاربة.. عن الكلمات التي نستعملها بنفس المعنى في حين أنها (لمن أراد تحري الدقة) تتضمن فوارق دقيقة لا يدركها معظم الناس.. فنحن مثلا نستعمل بنفس المعنى كلمتي جدار وحائط، وقعد وجلس، وسمع وأنصت، وابتكر واخترع، وتجول ورحل.. وما هما كذلك!! ويمكن قول الشيء نفسه عن (العقل والذهن والدماغ والمخ) التي نستعملها بنفس المعنى رغم وجود فوارق حقيقية بينها: فالمخ هو الجزء العصبي المادي الموجود في الجمجمة ويتحمل مسؤولية التفكير والإدراك ويشكل أحد أجزاء "الدماغ".. أما الدماغ فهو كامل المجموعة العصبية في الجمجمة بما في ذلك المخ، والمخيخ، والبصلة الجذعية أو السيسائية.. أما العقل فصفة معنوية (وليس عضوية) تميز الإنسان عن بقية المخلوقات "أَفَلَا تَعْقِلُونَ".. أما الذهن فهي الملكات العصبية والعقلية والنفسية التي ينتج (عن اجتماعها) الذكاء والفطنة والفهم وحسن التصرف (ولذلك تقول العرب: رجل ذهين).. ومن خلال هذه الفوارق نفهم أن العقل والذهن يتعلقان أكثر بوصف الذكاء والفطنة والإدراك، في حين يتعلق الدماغ (وتحديدا المخ) بمكان وآلية توليد الذكاء والفطنة الإدراك.. وفي حين تتوقف مادة "الدماغ" عن النمو في سن الشباب (بل وتتقلص كتلته العصبية بمرور العمر) تستمر عقولنا في النمو بفضل تراكم المعرفة وكثرة التجارب وتنوع الخبرات!! .. الطريف أن الفرق بين العقل والدماغ يرسم الفرق بين الابتسامة الحقيقية والابتسامة المصطنعة.. فحين تكون سعيدا يسحب (دماغك) تلقائيا عضلات وجهك الجانبية فتظهر مبتسما بطريقة عفوية.. ولكن.. لنفترض أنك كنت مكتئبا أو مهموما حين ألقى مديرك نكته سمجة، حينها يتدخل (عقلك) ليأمر عضلات وجهك بالابتسام عمدا.. فأنت في النهاية شخص "عاقل" وتعرف أنه ليس في مصلحتك إغضاب المدير.. ومعرفة دوافع الابتسامتين يمنحك فرصة التحكم بمشاعرك من خلال أقلمه أوضاع جسدك.. فمن الطبيعي ألا تبتسم حين تكون بحالة حزن وتوتر، ولكن حين تتصنع الابتسامة ينخدع دماغك فيظن أن شيئا مبهجا يحدث فعلا فيخفف من هرمونات القلق والتوتر (وإن لم تستطع تصنع الابتسامة عض بأسنانك على القلم وانسَه حتى يسيل لعابك)! .. انتهى المقال؛ ولكن بقي أن أجيب عن الأسئلة التي شغلتك منذ البداية: ف(الحائط) ياعزيزي هو (الجدار) ولكن حين يحيط بالشيء.. وفي حين (يجلس) النائم من فراشه، (يقعد) الواقف من وقفته.. أما (السمع) فدخول الصوت بلا إذن، في حين أن (الإنصات) تقصد السمع ومحاولة استراقه.. و(الاختراع) خلق فكرة أو تطبيق جديد، أما (الابتكار) فأسبقية تحويل الفكرة لمنتج مفيد.. و(التجول) يعني التنقل بين عدة مواقع، أما (الرحيل) فيعني مغادرة الموقع إلى الأبد.. بحيث يمكنك القول رحل الميت، وتجول السائح..