شركة سوني اليابانية كشفت قبل أيام عن جهاز الألعاب الجديد (بلاي ستيشن 3) الذي ينتظره الملايين حول العالم. وقالت الشركة إن الجهاز الجديد سينزل إلى الأسواق في الربيع المقبل وتتوقع له (كما يتوقع الجميع) نجاحاً منقطع النظير. ورغم فشلي الذريع في كافة المباريات الإلكترونية إلا أن اهتمامي بهذا الخبر مصدره حجم الفارق التقني بين الجهاز الجديد وسلفه السابق (بلاي ستيشن 2). فأنا شخصياً أتذكر الضجة التي أثيرت قبل أعوام حول الجهاز القديم والإمكانيات التقنية الرهيبة التي حشرت بداخله.. بل قالت حينها صحيفة النيويورك تايمز إن الحكومة الأمريكية طلبت من اليابان التأكد من عدم إمكانية استعمال شرائح الجهاز في الأغراض العسكرية (.. بمعنى، بدل أن يتحكم الجهاز بسيارة سباق أو مصارع عملاق. يمكن لشوية إرهابيين تحويره للتحكم بصاروخ نووي أو قذيفة موجهة)!! واليوم تكشف سوني عن جهازها الجديد وتخبرنا أنه أقوى ب 53 مرة من (بلاي ستيشن 2).. بل تدعي أنه قادر على التفكير جزئياً واستباق خطوات اللاعب وخلق مشاهد واقعية غير متوقعة. وقفزة تقنية كهذه تثبت مجدداً مدى السرعة والتطور التي تتقدم بهما شرائح السيليكون الإلكترونية (العقل المفكر للأجهزة المفكرة عموماً)، ففي عقد الستينات مثلاً استعملت وكالة ناسا أفضل كمبيوتر موجود في ذلك الوقت (بلغ سعره حينها أربعة ملايين دولار) لإنزال أول رجل على سطح القمر.. واليوم توجد في منازلنا كمبيوترات أقوى من جهاز ناسا السابق ب 85 مرة وبسعر لا يتجاوز الألفي دولار (وبحسبة صغيرة يتضح أن فرق السعر انخفض منذ ذلك الوقت ب 133,333 ضعفاً)!. الغريب أن هذه القفزة حصلت في شرائح تعمل بنفس المبدأ وتصنع من نفس المادة (السيليكون) مما يعني أن تطورها كان «كمياً» أكثر من «نوعياً». وهذه الحقيقة تقودنا للتساؤل عن مدى التقدم الذي ستصل إليه أجهزة الكمبيوتر لو نجح العلماء في استعمال «شرائح عضوية» (تضاهي الخلايا العصبية في الدماغ) بدل شرائح السيليكون الحالية.. فغني عن القول انه (لا) البلاي ستيشن ولا أي كمبيوتر متقدم يمكن أن يضاهي مخ الإنسان (ولا حتى مخ الذبابة) في القدرات الذهنية والمبادرات الذاتية. وعلى هذا الأساس تصور مدى السرعة والذكاء الذي ستصل إليها أجهزة الكمبيوتر حين تستعمل شرائح عضوية حية - قادرة على التفاعل المباشر مع خلايا الدماغ!! هذا الافتراض بالذات يذكرني بفيلم يدعى أكسيستينس (Existents) تدور أحداثه في المستقبل (حيث تعمد شركات الكبميوتر إلى نزع الأنظمة العصبية للحيوانات البرمائية واستخدامها في الألعاب والأجهزة المتقدمة).. وتدور قصة الفيلم حول مصممة ألعاب تدعى جيلر يتم استضافتها في برنامج تلفزيوني لعرض آخر لعبة من اختراعها أمام الجمهور. وهذه اللعبة ليست أكثر من (شرائح عصبية مبرمجة) تشبك مع الدماغ مباشرة لتعطي واقعية أكبر.. وحين تطلب جيلر من الحضور تجربة الجهاز الجديد - والمشاركة بمغامرة حقيقية تضم الجميع - تأخذ اللعبة زمام المبادرة من أدمغة المشاركين وتحبسهم إلى الأبد في عالم فنتازي غريب!! مخرج الفيلم ديفيد كرونبرج يحاول إخبارنا بحقيقة مفادها : أن الذكاء الصناعي حين يصل إلى مستوى الذكاء البشري يصبح الصراع محتماً بين الإنسان والآلة! .. شاهدوا فيلم ماتركس لتعرفوا المرحلة التالية!