د. عدي بن محمد الحضيف* دول حلف الناتو وعدد كبير من الدول الاوربية وقعت مذكرة تفاهم لإنشاء مركز بحثي واستشاري يخدم الدول المشاركة لمكافحة حملات التشوية والتضليل الإعلامي ونشر الشائعات والهجمات الإلكترونية، ويعمل في هذا المركز شبكة خبراء من الدول المشاركة لتبادل الخبرات والمعرفة لإرساء العملية البحثية والتحليلية وتسخير التقنيات الحديثة لتحقيق هذه الاهداف. المركز كذلك يهدف الى رفع مستوى التوعية لدى المجتمعات وتعريفهم بطرق ومخاطر هذا النوع من التهديدات الذي يسعى إلى استغلال نقاط ضعف المجتمع وسهولة التأثر بالشائعات والأخبار المغلوطة لهدف أساسي وحيد وهو التأثير في السياسات والشأن الداخلي للدول المتضررة. هذا النوع من التهديدات يسمى بالهجينة وهو تهديد يحتوي على خليط من التهديدات العسكرية وحرب الشوارع وحرب عصابات والتمرد والإرهاب والهجمات الإلكترونية والأخبار الزائفة ونشر الفوضى وعدم الاستقرار، وكل هذا بدون مكان أو زمان أو قواعد اشتباك متفق عليها. حلف الناتو في بيان صحفي ذكر أن محاربة هذا النوع من التهديد أصبح أولوية للحلف حيث إنه طمس الحد الفاصل بين الحرب والسلم لاحتوائه التحركات العسكرية والسياسية والاقتصادية والدبلوماسية والسيبرانية سواء كانت نظامية أوغير نظامية, فتم رصد ميزانية لهذا المركز لا تتعدى 6 ملايين ريال سنويا لحماية مؤسساتها الحكومية وصفاء سير عملهم دون تدخل خارجي وتنغيص لمصداقية نتاج أعمالهم. روسيا وبعدها داعش تمثل المصدر الأساسي لهذا النوع من التهديدات للدول المشاركة. أمريكاوفرنسا وألمانيا كثيرا ما اتهمت روسيا بتصديرها هذا النوع من التهديدات للتأثير في الشأن الداخلي لبلدانهم وتدخلهم بطرق غير مباشرة في سير عمل أحداث حساسة جدا مثل الانتخابات الرئاسية كما حصل من محاولات في الولاياتالمتحدة، وتخوف فرنسا وألمانيا الحالي من انتشار الشائعات والاخبار المغلوطة وحملات التشويه ضد المرشحين للتأثير في نتائج انتخاباتهم الرئاسية المزمع اقامتها قريباَ. هذا التخوف الغربي وبذلهم في عمل التدابير الوقائية مبرر لحفظ أمن شعوبهم وعدم السماح لمؤثرات خارجية بالتأثير على مسار صنع السياسات الداخلية لهم. بلدان وشعوب التحالف الإسلامي تتعرض لنفس هذا التهديد من دول عدائية وكذلك من أنظمة متهالكة وجماعات متطرفة إرهابية مثل نظام بشار الأسد وعصابات داعش والحوثي, بل نجد التهديد الهجين يتمثل في تعاون مشترك بين جماعات ارهابية متطرفة وجماعات اجرامية احترفت الافعال الجنائية والاختراقات الالكترونية لدعم عمليات التضليل والافتراء. لا يخفى على أحد حملات التشوية وبث عناصر عدم الاستقرار التي تطال دول التحالف بشكل عام والمملكة العربية السعودية بشكل خاص في فضاءات متفرقة مثل وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية ودعم عناصر الشغب بالمال والمعلومات والتغطية الإعلامية وتضخيم الاحداث ودعم عمليات التجنيد. أحد اوجه التهديدات الهجينة هو حملات التشوية التي تطال التحالف الإسلامي في تويتر عبر حملات منظمة وقنوات وبرامج تلفزيونية ومقالات صحفية تسعى لتشويه عمل التحالف الاسلامي ونشر الأكاذيب وفبركة الاحداث لتأليب الرأي الدولي للضغط على دول التحالف ولاستهداف شعوب المنطقة وتشكيكهم بقادتهم وبأهدافهم النبيلة, بالاضافة إلى نشر مستندات وأوراق رسمية وتسجيلات صوتية وتسريبات طغى عليها التزييف والافتراء بغرض ضرب دول التحالف ببعضها والشعوب ببعضها. هذا الخطر القادم من التهديدات الهجينة استشعرته دول اوروبا ودول تحالف الناتو فأصبح أولوية أوربية, ونحن لا نختلف عنهم في تعرضنا لنفس التهديد بل أنه أكثر قوة وأشد بأسا, وهذا يدعم جدوى استحداث مركز بحثي وتوعوي وتحليلي تخصصي باشراف مباشر من دول التحالف الإسلامي ليكون مصدرا للمعلومات يقدم خدمات استشارية للدول المشاركة من خلال عمل خبراء باختصاصات مختلفة وجنسيات متعددة للتصدي لحملات التشوية والكذب والافتراء ونشر الشائعات في اوساط الكترونية مختلفة ومتفرقة, وكذلك يعمل على توعية شعوب التحالف ورفع مستوى كفاءتهم وتحصينهم ليكفيهم كيد الكائدين ومكر الماكرين وحيل الراصدين. *أكاديمي ومختص في تقنية المعلومات