يعد "برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية" الذي عملت وزارة الخدمة المدنية على إعداد معايير وآليات تنفيذه لتحقيق التوجهات والأهداف التي يتضمنها البرنامج، من أجل رفع جودة أداء وإنتاجية الموارد البشرية، وتطوير قدراتها الوظيفية، وإعداد وبناء القادة، كما يعمل البرنامج على مراجعة شاملة ودقيقة للأنظمة واللوائح وتهيئة البيئة الإدارية للانتقال إلى مفهوم "الموارد البشرية" بدلاً من شؤون الموظفين، وكذلك توفير القوى البشرية المؤهلة لأداء الأعمال المناطة بها، إضافةً إلى إعادة دراسة الهياكل التنظيمية والنماذج والإجراءات في الأجهزة الحكومية، وإيجاد إدارات متخصصة في الموارد البشرية الفاعلة، كما يتضمن البرنامج فرصاً للتدريب والتطوير الوظيفي للموظفين، وإدارة الأداء والتطوير، وكذلك تقديم الدعم النفسي والوجداني، وإدارة المواهب، وتخطيط القوى العاملة، وتطوير القيادات. هيكل تنظيمي واعتمد برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية هيكلاً تنظيمياً إدارياً خاصاً للإدارات العامة للموارد البشرية، ويتبع لها إدارة تطوير الموارد البشرية، وإدارة عمليات الموارد البشرية، وإدارة التواصل الداخلي، ويطبق في الجهات المستفيدة من البرنامج، حيث شمل تنظيماً إدارياً يغطي الأدوار الرئيسة للإدارات بما يحقق التحول إلى ممارسات الموارد البشرية بمفهومها الشامل، ومن مهام الإدارة العامة للموارد البشرية إعداد الخطة السنوية للإدارة وتنفيذها بعد اعتمادها، والإشراف على تطبيق العمليات الإجرائية والتخطيط للموارد البشرية، وتحديد الاحتياجات التدريبية للإدارة، وكذلك الاشتراك في إعداد مشروع ميزانية الجهة الحكومية فيما يتعلق بالموارد البشرية، والإشراف على تطبيق نظام الموارد البشرية الموحد -موارد-، ومتابعة إدخال وتحديث المعلومات، إضافةً إلى العمل على تطويرها بالتنسيق مع الإدارات ذات العلاقة، وإعداد تقارير دورية بإنجازات الإدارة والاقتراحات لتطويرها ورفعها للمسؤول الأول في الجهة الحكومية. إجراءات تنفيذية وقد جاء تطبيق "برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية"، على فترتين، الأولى كانت في تاريخ 1/1/1437ه، واقتصر تطبيقه على وزارة الخدمة المدنية والعدل، والعمل والتنمية الاجتماعية -الشؤون الاجتماعية-، والبيئة والمياه والزراعة -الزراعة-، وكذلك وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات والخارجية والثقافة والإعلام، وتولت وزارة الخدمة المدنية التنسيق مع الوزارات المستهدفة بالتطبيق خلال المرحلة الأولى، ووضعت ما يلزم من إجراءات تنفيذية لتحقيق أهداف البرنامج في الوزارات المستهدفة، ومن تلك الإجراءات إعداد مذكرة تفاهم مع الوزارة المستهدفة في التطبيق تتضمن معايير وآليات تنفيذ البرنامج، وأن يكون اختيار مدير عام إدارة الموارد البشرية وأخصائي الموارد البشرية في كل وزارة من الوزارات المستهدفة بالاتفاق بين الوزارة المعنية ووزارة الخدمة المدنية، ويرتبط مدير عام إدارة الموارد البشرية في كل وزارة من الوزارات المستهدفة مباشرة بالوزير، وألاّ يترتب على ما سيتم وضعه من معايير وآليات وإجراءات لتنفيذ البرنامج الإضرار بموظفي الوزارات المستهدفة بالتطبيق، الى جانب تشكيل لجنة في وزارة الخدمة المدنية تضم في عضويتها ممثلين لا تقل مرتبتهم عن الخامسة عشر من الوزارات المستهدفة لمناقشة ما يواجه تلك الجهات من صعوبات خلال المرحلة الأولى لتنفيذ البرنامج والحلول المقترحة لعلاجها. وقامت وزارة الخدمة المدنية بعد انتهاء المرحلة الأولى بإعداد تقارير عن نتائج تطبيق مشروع البرنامج المقترح في الوزارات المستهدفة بالتطبيق، وذلك بالتنسيق مع كل وزارة مستهدفة ورفع تلك التقارير إلى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية خلال مدة لا تتجاوز شهراً من انتهاء المرحلة الأولى. وصدرت موافقة المقام السامي على إطلاق المرحلة الثانية من "برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية" كأحد مبادرات وزارة الخدمة المدنية في مجال التميز المؤسسي وتطوير بيئة العمل الحكومية وكوادرها بما يتوافق مع أهداف وطموحات رؤية المملكة 2030م وبرنامج التحول الوطني 2020م، وجاء إطلاق المرحلة الثانية من البرنامج بعد النجاح الذي تحقق بعد تنفيذ المرحلة الأولى التي شملت ثماني وزارات. فارق زمني وشمل تطبيق عناصر البرنامج في المرحلة الثانية جميع الوزارات المتبقية وعددها (12) وزارة خلال مدة (12) شهراً، وذلك على ثلاث مجموعات تضم المجموعة الأولى وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، والتجارة والاستثمار، وكذلك وزارة الشؤون البلدية والقروية، والطاقة والصناعة والثروة المعدنية، والحج والعمرة، وتضم المجموعة الثانية وزارتي الصحة والتعليم، فيما تضم المجموعة الثالثة وزارة المالية، والاقتصاد والتخطيط، والبيئة والمياه والزراعة، والعمل والتنمية الاجتماعية، والإسكان، ويتم تطبيق البرنامج على المجموعات الثلاث بالتوازي مع مراعاة فارق زمني بمقدار شهرين بين كل مجموعة، والتي تليها لاعتبارات المرحلة التحضيرية. الارتباط بالمسؤول وقال د.محمد العبيدي -وكيل الوزارة المساعد للتخطيط وتطوير الموارد البشرية، المشرف على تطبيق على برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية-: البرنامج يهدف إلى التحول من مفهوم إدارة شؤون الموظفين إلى مفهوم إدارة الموارد البشرية في القطاع الحكومي من خلال إنشاء إدارات عامة للموارد البشرية ترتبط مباشرةً بالمسؤول الأول في الجهاز الحكومي لتعزيز الدور الاستراتيجي للموارد البشرية، الذي ينظر للإنسان على أنه مورد هام يمكن الاستثمار فيه واكتشاف طاقاته وقدراته وتطويرها وتمكينها لتحقيق أعلى مستويات الإداء الممكنة، مضيفاً أن العنصر البشري في الجهات الحكومية يُعد محوراً أساسياً لتطوير وتحسين أداء هذه الجهات بما ينعكس بشكل مباشر على رضا المواطن فيما يقدم له من خدمات، وبناء على ذلك فقد حرص البرنامج على توفير الأدوات اللازمة للجهات الحكومية لقياس الأداء وإدارته بطرق موضوعية، وتم إصدار الدليل الإرشادي لإدارة الأداء، وكذلك لائحة إدارة الأداء الجديدة التي تهدف بشكل مباشر إلى نشر ثقافة الأداء وترسيخ ثقافة العمل من خلال أهداف واضحة يتم قياسها بطرق موضوعية، والكفاءات التي تركز على الجودة والسلوكيات الإيجابية في بيئة العمل. ونوّه د.العبيدي إلى أن عملية التحول من إدارة شؤون الموظفين إلى إدارة الموارد البشرية تعتبر رحلة طموحة جداً تحتاج إلى الدعم والمتابعة المتخصصة المستمرة للوصول إلى مراحل متقدمة من النضج في ممارسات الموارد البشرية، نظراً لأن مهمة البرنامج لا تقتصر فقط على إنشاء الإدارات العامة للموارد البشرية، بل يتعدى ذلك إلى التأكد من ممارسة هذه الإدارات لأنشطة الموارد البشرية ودعمها ومتابعتها من خلال خطط تنفيذية وفق منهجية إدارة المشاريع، وتنفيذ سلسلة ورش عمل متخصصة، وزيارات ميدانية توجيهية لمنسوبي إدارات المواردالبشرية، بالإضافة إلى متابعة تفعيل الخدمات الذاتية في نظام الموارد البشرية الإلكتروني الموحد، ذاكراً أنه يتم قياس التقدم في التحول إلى الموارد البشرية من خلال زيارات متابعة ومؤشرات أداء يصدر على ضوئها مجموعة من التقارير تعكس مستويات الإنجاز لكل وزارة. تعديل جذري من جهته قال د.عبدالرحمن هيجان -عضو لجنة الإدارة والموارد البشرية بمجلس الشورى-: تضمن برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية العديد من النماذج التفصيلية التي تخص كل جانب من جوانب تنمية الموارد البشرية، وجاءت الأدلة مُفصلة ومحددة بما يكفل تطبيقها بشكل عملي يضمن تحقيق رؤية ورسالة وأهداف البرنامج، وهو ما يُمكن أن يُشكل ضمانة كبيرة بالنسبة لسياسة التحول في أداء الموارد البشرية، غير أُنَّه ومع إيماني وتأييدي الكامل للبرنامج إلاّ أن الممارسة الحالية لتطوير أداء الجهاز الحكومي التي هي في الغالب ناجمة عن نتائج استشارات لبيوت الخبرة الأجنبية تنحو إلى التقليل من أهمية أداء الجهاز الحكومي مقارنة بالقطاع الخاص دون وجود أي دليل بحثي يؤكد أن القطاع الخاص أفضل في أداءه من القطاع الحكومي في المملكة، مما أوجد حالة من الارتباك والتسرع في تطبيق ممارسات القطاع الخاص في القطاع الحكومي، إلى جانب ذلك فإن التوجه نحو تطبيق ممارسات القطاع الخاص في جانب المواد البشرية في القطاع الحكومي يعني تعديل جذري لكثير من الأنظمة واللوائح الخاصة بالموارد البشرية دون تحديد النتائج المتوقعة من هذا التوجه، في الوقت لايزال العمل بأكثر الأنظمة السابقة للبرنامج، مضيفاً: ينبغي ألاّ يتم استغلال أو توجيه البرنامج نحو محاكاة القطاع الخاص دون وجود ما يدعم هذا التوجه، وأن يقتصر تطبيق البرنامج على الجانب المتعلق بتنمية الموارد البشرية، وتحسين بيئة العمل وهو ما سيضمن تحقيق أعلى درجة من أهداف وطموحات البرنامج. إعادة صياغة وأكد د. إبراهيم الفحيلة - أستاذ الإدارة والتخطيط التربوي بجامعة الامام محمد بن سعود - على أن تطبيق برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية سيحقق نقلة إدارية لإعادة صياغة ثقافة تنظيمية تستهدف الأجهزة والقطاعات الحكومية وتحرّر القطاع الحكومي من أعراف إدارية سادت لوقت طويل نتج عنها ضعف في الإنجاز وهشاشة في الأداء بهدف رفع جودة أداء الموظف الحكومي وإنتاجيته في العمل، وتطوير بيئة العمل، ووضع سياسات وإجراءات واضحة لتطبيق مفهوم الموارد البشرية، وإعداد وبناء القادة، مضيفاً: من المهم التوصل إلى حقيقة نقدية بأن الممارسات الإدارية السائدة في القطاع الحكومي كانت انعكاساً لتعدد الوظائف الحكومية وما صاحبه من تقدم سريع في النمو الاقتصادي والبشري نتج عنه ترهل إداري في القطاع الحكومي، بالإضافة إلى محدودية التوقعات المجتمعية في وقت مضى وبالتالي فقد تكون هذه الممارسات التقليدية مناسبة في وقتها إلاّ أنه مع التوسع المعرفي والانفتاح العلمي والتقني والتكنولوجي في العالم وما صاحبه من توقعات جديدة للمجتمعات في ظل التحديات النوعية التي تلقي بظلالها على العالم أجمع، يستوجب تنمية إدارية واستحداث أطر تنظيمية جديدة وهو ما بدأ منسجماً مع التحولات التي تشهدها المملكة من خلال رغبتها الجادة في التوسع التنموي والداخلي والخارجي بجميع مجالاته الاقتصادية والفكرية والثقافية والاجتماعية، التي تجسدت في الرؤية السعودية 2030م، والخطط التنموية التي تؤمن بالاستثمار في الإنسان وتطوير قدراته وتمكينه بما يتلاءم مع متطلبات سوق العمل الجديد، مضيفا أن البرنامج جاء استجابة استباقية للأهداف التنموية التي تسعى إليها المملكة، لذا تضمن أبعاداً أربعة تتضمن الموارد البشرية واستقطاب الكفاءات والتقنية متمثلة في نظام موارد، ومحتوى إداري يشمل الجدارة والموهبة وإدارة الأداء، ومنهجية مستحدثة في إدارة المشاريع . د. محمد العبيدي د. عبدالرحمن هيجان د. إبراهيم الفحيلة