تسعى الرؤية الوطنية 2030 إلى عدة مستهدفات في كافة المجالات ولكي تحقق تلك المستهدفات لابد لها من كفاءات بشرية تقود عجلة العمل الحكومي الذي سيطاله التغيير بعد إعادة هيكلة الحكومة لتصبح أكثر مرونة وإنتاجية، فكان من ضمن خطط الرؤية لتحقيق مستهدفاتها برنامج رأس المال البشري، وقد نصت الرؤية بأنه نظراً لكون العنصر البشري عاملاً أساسياً لنجاح المشروعات، سنعمل على تأسيس برنامج متخصص لدعم وتفعيل هذا العنصر المهم. وسيُعنى البرنامج بقياس كفاءة رأس المال البشري في القطاع العام وتقويمها وتحليلها، والمساندة في توفير الكوادر والدراسات والاستشارات والشراكات الاستراتيجية المتعلقة برأس المال البشري، والمساعدة في الاختيار والتطبيق لتحقيق الأهداف الاستراتيجية. ولهذا تم إطلاق «برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية»، بعد موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وذلك انطلاقاً من حرص القيادة الرشيدة، على رفع جودة أداء وإنتاجية الموارد البشرية بالمملكة، وتطوير قدراتها الوظيفية، وإعداد وبناء القادة. وتضمنت الموافقة السامية تكليف وزارة الخدمة المدنية بإعداد معايير وآليات تنفيذ البرنامج لتحقيق تلك التوجهات والأهداف التي يتضمنها البرنامج. وسيعمل البرنامج على مراجعة شاملة ودقيقة للأنظمة واللوائح وتهيئة البيئة الادارية بالمملكة للانتقال الى مفهوم الموارد البشرية بدلا من شؤون الموظفين، وتوفير القوى البشرية المؤهلة لأداء الاعمال المناطة بها وإعادة دراسة الهياكل التنظيمية والنماذج والإجراءات في الأجهزة الحكومية وإيجاد إدارات متخصصة في الموارد البشرية الفاعلة، ويتضمن البرنامج فرصاً للتدريب والتطوير الوظيفي للموظفين، وإدارة الأداء والتطوير، والتدريب والتوجيه، والدعم النفسي والوجداني، وإدارة المواهب، وتخطيط القوى العاملة، وتطوير القيادات. وتتمثل رؤية البرنامج في: رأس مال بشري عالي الأداء في القطاع الحكومي. ورسالته: التحول الى ممارسة إدارة الموارد البشرية في القطاع الحكومي من خلال سياسات وإجراءات واضحة وبيئة عمل متميزة، تحاكي أفضل الممارسات والتقنيات الحديثة في مجال الموارد البشرية. ويهدف البرنامج إلى رفع جودة أداء الموظف الحكومي وإنتاجيته في العمل، فكما هو ظاهر في أوساط الدوائر الحكومية بأن معدل الانتاجية ضعيف جداً ومستوى الخدمة للمواطنين (العملاء) ليس بالشكل المرضي المطلوب لدولة عصرية. ويهدف البرنامج كذلك إلى تطوير بيئة العمل، فبيئة العمل ذات تأثير مباشر على مستوى أداء الأفراد والكثير من البيئات الحكومية تصيب المراجع بالكآبة فما بال من يعمل بها بشكل يومي ويقضي جل حياته في تلك البيئة التعيسة، وتطوير البيئة يختلف من الشكل الخارجي والداخلي من إضاءة وألوان ونظافة إلى تجهيزات مكتبية راقية وخدمات لوجستية تليق بموظف دولة مسؤول، فليس مقبولاً ولا معقولاً أن نطالب ونعاقب على ضعف الإنتاجية لدى موظف يعمل في مبنى مستأجر ومكتبة في مطبخ ذلك المبنى التعيس الذي يفتقد لبعض الخدمات الانسانية، وخير مثال حكومي لنجاح البيئة في تحفيز أداء الأفراد ما فعلته وزارة التجارة عندما غيرت جلد الوزارة لتكون بيئة عمل مبدعة تدعم الإنتاجية وولاء الموظف للمنظمة ولمهامه الوظيفية. كما يهدف البرنامج كذلك إلى وضع سياسات وإجراءات واضحة لتطبيق مفهوم الموارد البشرية. وذلك الهدف يعني انتقال الحكومة في خدمة كفاءاتها من المفهوم السائد شؤون الموظفين إلى المفهوم الواسع والأكثر احترافية وهو الموارد البشرية، ومفهوم الموارد البشرية يُعد حيزاً معرفياً و تطبيقياً مستحدثاً، أو يمكن اعتباره مفهوما جديدا ل»شئون الموظفين» التقليدي، حيث تُعد الموارد البشرية من أهم عوامل نجاح الحكومات المعاصرة و يشار إليها في الكثير من الأحيان برأس المال البشري. و لقد أجريت دراسات تفيد بأن الحكومات التي حققت نجاحاً كبيراً وملموساً في مستوى الإنتاجية هي الحكومات التي تدير الموارد البشرية والتي تهتم اهتماماً بالغاً بتنمية الموارد البشرية الموجودة فيها وإدارتها بالشكل الأمثل. فالموارد البشرية تهتم بجميع الأنشطة التي تهدف إلى «تنمية الأفراد» و الذي بدوره يمهد الطريق لنجاح المنظمة في تحقيق الأهداف المناط بها. والهدف الرابع لبرنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية هو إعداد وبناء القادة من الصف الثاني، وذلك أمر في غاية الأهمية حيث إن المجتمع السعودي شاب بنسبة 65% وبطبيعة الحال من الضرورة بمكان تمكين الشباب لقيادة الأعمال الحكومية التي تتناسب مع العصر الحالي، فالمنتجات والخدمات متغيرة ومتسارعة في التطور ولكي تصل الحكومة للرؤية 2030 يجب عليها أن تكون شابة في حركتها وفي أعمالها ومنتجاتها، وذلك يكون ببناء القادة الشباب في الصف الثاني وإعدادهم بعدة برامج تطويرية وتهيئتهم لاستلام مناصب قيادية ليقوموا بواجبهم تجاه وطنهم. ولأن العمل المحترف المؤسسي يعتمد على أدلة إجرائية وإرشادية تنظم العمل وتمنع الاجتهادات في الإدارات الحكومية عند تطبيق البرنامج داخل المؤسسات الحكومية تم بناء عدة أدلة عمل إرشادية لتستفيد منها الجهات في إدارات الموارد البشرية لديها ومن الأدلة: إدارة الأداء، إدارة المسار الوظيفي والوصف الوظيفي، إدارة المواهب، إطار الجدارة، إعداد إدارة الموارد البشري، التدريب والتطوير، التظلمات، التواصل الداخل، السلامة في مكان العمل، تخطيط التعاقب الوظيفي، تخطيط القوى العاملة، تطوير القيادات، تهيئة الموظف الجديد للعمل. يستهدف البرنامج في مرحلته الأولى سبع جهات هي: وزارة الثقافة والإعلام ووزارة العمل والتنمية والاجتماعية ووزارة الخارجية ووزارة العدل ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات ووزارة النقل ووزارة البيئة والمياه والزراعة. وهي جهات ذات أهمية بالغة للمواطن (العميل) وبتطوير المورد البشري فيها وتحول المفهوم فيها إلى خدمة العملاء بدلاً من خدمة المراجعين أو موظفي استقبال الجمهور بذلك سيزيد من مستوى الرضا العام على الخدمات الحكومية التي تقدمها تلك الجهات بما يحقق الأهداف الوطنية. وينفذ البرنامج أعماله بشراكة مع عدد من الجهات الوطنية ومنها صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) ومعهد الإدارة العامة وبرنامج التعاملات الحكومية الالكترونية (يسّر) وذلك لتسهيل المهام الفنية المتخصصة وتبادل المعلومات حول أفضل السبل لتطوير الموارد البشرية وربطها بشبكة واحدة لمراقبة نتائج البرنامج ومدى تحسينه وتطويره للموارد البشرية الحكومية. مما لا شك فيه بأن الأداء الحكومي في حاجة ماسة لتطوير المورد البشري الذي يقود العمليات الإدارية والفنية وبرنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية سيقوم بتلك المهمة الوطنية الكبيرة التي تتطلب من جميع الجهات التعاون والتكامل الفعّال بهدف تحقيق أعلى مستويات الكفاءة في الأداء ورفع الحافز لدى الموظفين والتزامهم في العمل وتحقيق الميزة التنافسية للموارد البشرية واستقطاب وتعيين أفضل الموارد البشرية ومكافأة الموظفين على إنجازاتهم وتحقيق الانسجام في العمل لرفع مستوى الأداء ومستوى الإنتاجية وذلك يتحقق بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب وبتوجيه الموظفين الجدد وتدريب العاملين على أداء الوظائف ورفع كفاءة تقييم الأداء الوظيفي وتفسير سياسات المنظمة للعاملين بها.