تعتقد بعض من القيادات التي حظيت بشرف تبوء منصب بأنها وصلت لقمة العطاء كمسوغ لهذه الثقة، وبصرف النظر عما إذا كان المقصود بالقمة هو ذروة العطاء وظيفيا أو قيمة الوجاهة الاجتماعية، فالتساؤل الذي يفرض نفسه هنا هو هل تبقى لدى هذا النوع من القيادات ما تقدمه للوطن والمواطن؟! نقول ذلك لأن الشعور المغلف بغرور المنطق وطموحات المنطلق ووجاهة المركز، يعكس حالة قصور الأداء وإفلاس المنجز المتوقع، وبالتالي لا يتوقع من هذا النوع من القيادات التي أتيح لها دوناً عن غيرها شرف خدمة الوطن ورعاية مصالح مواطنيه سوى ربما إضافة تشريف آخر لقائمة إخفاقاتها، وبالتالي الخروج من عباءة المسؤولية كما دخلت. اختيار القيادات موضوع متكرر الطرح ومتجدد النقاش، ولكن أهميته الآن تزداد لحساسية المرحلة التي يعيشها الوطن وازدحام كامل منظوماته بمبادرات وبرامج عمل متنوعة المحاور ومتعددة المسارات للنهوض بما حوته الرؤية من التزامات ومستهدفات يتوق المواطن يوما بعد يوم إلى رؤية ما يترجم حركة عملها ويلمس بوادر إنجازاتها على واقع معيشته اليومي؛ ولهذا نقول نحن في حاجة لنوع من القيادات الواعدة التي تبث الطمأنينة وتبعث على التفاؤل نتيجة ما تلمسه من حرص ووعي وأمانة فيما وسد لها من مسئوليات، بجانب ما تبرزه من تمكن ونمو وابتكار في ترجمة التعاطي مع ما أوكل لها من مهام وصلاحيات، وما تظهره من لين في خطابها وتواضع في لغتها واستحضار للمحاسن والصفات التي تعكس رجل الدولة وكفاءة حضورها، مما يطرح التساؤل حول جدوى المعايير المتبعة في اختيار القيادات وآلياتها ومدى توافقها ومرحلة التفاؤل التي نعيشها، سواء من حيث مقومات كفاءة التأهيل ومهارات القيادة والقدرة على التخطيط ووضع الأهداف وحل المشكلات ومتابعة التنفيذ والتحقق من النتائج، بجانب معايير السمات الشخصية المختزلة في نزاهة اليد وطهارة اللسان ومهارات التواصل وسلوكيات التعامل وقدرات اللباقة العامة وإجادة فنون إدارة الحوار واحتواء الخلاف والتعاطي مع توجّسات الرأي العام ونحو ذلك. صناعة واكتشاف القيادات الإدارية بكافة مستوياتها ليست مهمة سهلة ولكنها ليست صعبة المنال في ظل ما يحفل به وطننا الغالي من كفاءات وطنية عالية التأهيل تتوق الى شرف خدمة الوطن ورعاية مصالح المواطن، متى وضع لها مسارات عادلة وآليات مؤسساتية لاكتشافها والنهوض بها بعيد عن المنهجية التقليدية، والأمل منعقد على ما سوف يتمخض عن "برنامج المليك لتنمية الموارد البشرية" من برامج تسهم في تطبيق المفهوم الحديث للموارد البشرية، ومزاوجتها بما لدى "مركز إعداد وتطوير القيادات الإدارية" بمعهد الإدارة العامة من خطط لإعداد وبناء القادة.