أعجز عن استخراج حياة جيدة من جمعية للمتقاعدين أو ناد لهم، ففكرة تجميع المتقاعدين في مكان واحد وممارسة نشاط واحد، توحي لنا بأن هناك غرفة لتجميع موقوفي الإنتاج وإحصائهم عددا ومن ثم ترتيب خروجهم من الحياة نهائيا.. التقاعد ليس نشاطا، بل توقف عن ممارسة نشاط في مكان محدد، فإن أصبح هذا المكان للمتقاعد هو كل الحياة فنهاية علاقته من هذا المكان تعد نهايته من الحياة، وانضمامه في جمعية ينسب لها ناس يشتركون معه في السن والظروف، عمل محبط ومتراجع عن الأمل وعن حياة يكون بها عطاء جديد.. عندما كان الكوميدي جورج برنز في الثمانين من عمره، قال: إنه لن يتقاعد أبدا، فالسبب الوحيد لديه للتقاعد هو أن يجد عملا ممتعا أكثر من العمل الذي كان يقوم به، فحملته هذه القناعة الدائمة على الإنتاج للاستمرار في العمل حتى توفي في عمر 110.. علماء الاجتماع يذكرون أن التقاعد صحي للبعض ولكنه ليس للكل، فإن كان التقاعد يعني التخلي عن الروتين اليومي المفيد، وفراق الزملاء وفقدان المكانة الاجتماعية، يكون ذلك تقاعدا مرضيا.. عازف الكمان المعروف، بابلو كاسالز له رأي في التقاعد: أن يتوقف المرء، أو ينسحب ولو لزمن قصير، يعني بداية الموت، فالعمل المجهد الممتد ليس مرضا، أما الإفراط في العداء أو الاكتئاب هو المرض، الخوف من إصابة المتقاعد بالاكتئاب، ومن ثم ينقلب سلوكه المنضبط إلى سلوك عدائي، هو ما جعل زوجة سعودية تفكر في حل آمن ووفي من نوع خاص! فقامت بتزويج أبو العيال، من أجل تحقيق السلام الدائم في المنزل، ودرء خطر التقاعد.. الرجال أيدوا هذا الحل، أما النساء فالتزمن الصمت، من باب السكوت عن الظلم اعتراض، وأخريات أعجبتهن الفكرة، ولكن بالتفاف ذكي على قضية التعدد، نقبل بالتعدد ولكن بعد التقاعد، فالشباب لنا والعواجيز لمن رضي واختار، فكرة الزواج بعد التقاعد ربما تسبب مشكلة تنموية وإرباكا في الوزارات فهي فكرة مشجعة على التقاعد المبكر، وإن حدث هذا فيها خسارة خبرة من جهة، وحل لقضية البطالة من جهة، غريب أمر المرأة لدينا كل مفاتيح مشاكلنا وضعتها في جيبها، بنت شابة دعمت فكرة زواج المتقاعد بثانية، واشترطت إن كان تقاعدا مبكرا، أن يكون البديل عنه في الوظيفة امرأة، وبهذا يصبحن النساء هن الموظفات، والرجال أرباب منازل، فهذه الفكرة نرفعها لوزارة الخدمة المدنية ونحن بانتظار ردها.