قدمت مدينة الطائف مثالاً لمعنى التكامل الثقافي عندما احتضن مقر جمعية الثقافة والفنون حفل توزيع جوائز محمد الثبيتي للإبداع الذي نظمه النادي الأدبي مساء الجمعة، في تعاون نبيل بين الجهتين الرسميتين المعنيتين بدعم النشاط الإبداعي في المدينة -النادي الأدبي وجمعية الثقافة والفنون-، أثبت من خلاله المسؤولون عن الجهتين وعيهم وتجاوزهم لكل حزازيات التنافس المحتملة وإدراكهم للدور المطلوب منهم تجاه مثقفي وفناني الطائف، لتتكامل بفضل هذه الروح الواعية كل القوى لخدمة الوطن والمواطن. في مقابل ذلك تمثل مدينة جدة المثال الأسوأ بعد الصراع المؤسف الذي نشب بين عمر الجاسر رئيس "فنون جدة" ود. عبدالله السلمي رئيس النادي الأدبي على ملكية المقرات الإدارية، بشكل كشف مدى التداخل بين تخصص الجهتين وحجم التنافس الحاد بين إدارتيهما على قضايا تعد شكلية بالنسبة للمهمومين بقضايا الإبداع. وما بين هذين المثالين، في الطائفوجدة، تتأرجح بقية المدن السعودية، وتتأرجح العلاقة بين أنديتها الأدبية وفروع جمعية الثقافة والفنون، بين صدام حاد أو في أقل الأحوال حياد تام لا تعاون فيه ولا تكامل، حتى حار المثقف السعودي على أي جهة يعتمد في دعم الحراك الثقافي والفني، خاصة بعد توسع الأندية الأدبية في تنظيم فعاليات فنية، والعكس بالنسبة لفروع الثقافة والفنون، إلى الدرجة التي ذاب فيها الفرق بين الجهتين ولم يعد بالإمكان تحديد مهام واختصاص كل جهة. في الرياض.. الجمعية تخطف الفعاليات «الثقافية» من النادي الأدبي! في مدينة الرياض على سبيل المثال، ينظم فرع جمعية الثقافة والفنون ملتقى ثقافيا أسبوعيا يديره الناقد د. سعد البازعي ويطرح قضايا ثقافية رصينة مكانها الطبيعي النادي الأدبي بالرياض لا جمعية الثقافة والفنون. ومع تميز هذا الملتقى وقوة حضوره في الفترة الماضية، أهملت الجهة الحاضنة له، وهي "فنون الرياض"، تخصصها الأساسي المتمثل في دعم النشاط الفني واكتفت بدعم الملتقى الثقافي دون أن تقدم ضمن أجندتها فعاليات مهمة في مجالات الفنون المختلفة، كما أن النادي الأدبي ذاته لا يمتلك نشاطات توازي قوة الملتقى وتضاهيه في التأثير والانتشار، ما يقود إلى السؤال عن تخصص كل جهة ودورها الذي من المفترض أن تؤديه لخدمة الإبداع بكل صنوفه، وعن سبب الاستمرار في هذا الانفصام بين جهتين أثبتت الأيام والتجربة أنهما تخدمان نفس الهدف؟ الصراع بين فروع الجهتين في مختلف مدن المملكة، باستثناء الطائف، يجدد مطالب المثقفين السعوديين بضرورة دمج جمعية الثقافة والفنون بالأندية الأدبية لتكون الجهة الراعية للإبداع واحدة في كل مدينة من مدن المملكة، بحيث تتضافر الجهود وتتكامل لصالح النشاط الإبداعي السعودي بكل مجالاته الأدبية والفنية، في مركز ثقافي واحد في كل مدينة، يكون مرجعاً رئيسياً وموحداً للفنانين والمثقفين على حد سواء. د. سعد البازعي د. عبدالله السلمي عمر الجاسر