مع إنشاء هيئة عامة للثقافة بأمر ملكي كريم، كيف هو مستقبل المؤسسات والأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون، فالأندية الأدبية التي تجاوز عمرها أربعين عاما ثمة من يرى من المثقفين والمهتمين أنها فقدت بريقها وفقدت قدرتها على التأثير، لكن الحاجة لاتزال قائمة لها، أما جمعيات الثقافة والفنون فهي تعاني من قلة الدعم المالي، فالإعانة التي تقدم لفروعها ليست كافية مقارنة بالأندية الأدبية، وقبل سنوات ظهرت آراء جادة واتجاه رسمي بتحويل الأندية وجمعيات الثقافة والفنون إلى مراكز ثقافية شاملة كبديل يحتوي جميع الفنون والآداب، وظل هذا الرأي منذ عام 1428 حين أعلنت الإستراتيجية الثقافية لوزارة الثقافة والإعلام إبان وزيرها السابق إياد مدني، التي تقترح ضم الأندية الأدبية وجمعية الثقافة والفنون وتحويلها إلى مراكز ثقافية في كافة المدن والمحافظات واقتراح إنشاء معاهد للمسرح، وظل ذلك المقترح الذي شهد جلسات بين جدة والرياض وفريق عمل هنا وهناك، غير قابل للتنفيذ، وظلت الآراء منقسمة بين المثقفين ورؤساء الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون، ورأى الشاعر الدكتور يوسف العارف أن المراكز الثقافية إن تحققت فهي ليست بديلا عن الأندية الأدبية ولا جمعيات الثقافة والفنون، وإنما هي آلية إدارية مؤسساتية توحد وتجمع هذه الفعاليات، ولكل تخصصها وجمهورها وفضاؤها المعرفي لا الثقافي، وستخلق أجواء ثقافية وأدبية إيجابية، وتقرب النفوس والقلوب المبدعة في إطار وطني وحدوي ثقافي شمولي، وثمة مثقفون يرون أن العمل الثقافي ارتكازه ليس في المسميات، وإنما في آليات العمل المستقلة. أما رئيس الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون سلطان البازعي فله رأي سابق أكده ل«عكاظ» أنه ضد فكرة دمج جمعيات الثقافة والفنون بالأندية الأدبية وتحويلها لمراكز، متمنيا أن لا يتحقق هذا الدمج، وقال: «لو تم ذلك فإنه سيكون على حساب أحد الطرفين، وسيضعف أحدهما»، مشيرا إلى أن تخصص الأندية الأدبية يختلف عن تخصص جمعيات الثقافة والفنون، سواء في نشاطاتها المختلفة أو الجمهور المستهدف، مبينا أن نشاط الجمعية أوسع بكثير من الأندية الأدبية، خصوصا للشباب، إذ إن لديها برامج متعددة مثل: إنتاج الأفلام، وثقافة الطفل. وحول المسألة القانونية في الدمج أوضح البازعي أنها تكمن في أن للأندية الأدبية جمعيات عمومية مستقلة، تملك القرار، وهي عقبة قانونية أمام موضوع الدمج. وتظل الأسئلة معلقة والمثقفون يتطلعون لمرحلة ثقافية جديدة، ما هو مصير تلك الجمعيات وتلك الأندية التي تتوزع في 16 منطقة ومحافظة من بلادنا الغالية؟ وإن تم تحويلها لمراكز ثقافية هل تنجح المراكز الثقافية في استيعاب تطلعات المثقفين والأدباء والفنانين والمشتغلين بالفنون بوجه عام؟ إنها أسئلة ستجيب عليها الرؤية السعودية الجديدة.