أكد عضو مجلس الإدارة ورئيس لجنة المنشآت الطبية بغرفة الرياض الدكتور خالد السبيعي أن القطاع الصحي الخاص ينظر إلى دوره كشريك استراتيجي للقطاع الصحي الحكومي ومكمل له من أجل تقديم أرقى الخدمات الطبية للمواطن والمقيم، ولهذا فإن غاية القطاع الخاص الصحي أن يقدم أرقى مستويات الرعاية الطبية للمراجع أياً كان، وقال: إن القطاع الخاص يدرك حجم المنافسة القوي في سوق الرعاية الطبية، خصوصاً في ظل تطبيق رؤية المملكة 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020. ولفت السبيعي في حوار مع «الرياض» بأن القطاع الصحي الخاص يتهيأ للاضطلاع بدوره ومسؤوليته في مرحلة تطبيق رؤية 2030، والتي تتبنى تعزيز جودة الخدمات الصحية والارتقاء بالمنشآت الصحية وزيادة مستويات تأهيل وقدرات الكوادر الوطنية الطبية والفنية والتمريضية للمساهمة في تقديم أرقى الخدمات الصحية لأفراد المجتمع. وطرح محاورنا بوصفه رئيس لجنة المنشآت الطبية بغرفة الرياض والتي تمثل القطاع الصحي الخاص بمنطقة الرياض عدة مقترحات لتحفيز وتشجيع الاستثمارات في القطاع تتمثل أبرزها في تذليل المعوقات الإدارية التي يواجهها المستثمرون إزاء تعدد السياسات والإجراءات المتبعة، كما يقترح تأسيس هيئة صحية تنظيمية تتعامل مع كافة المستثمرين وتكون قادرة على رسم السياسة الاستثمارية في القطاع، ويطالب كذلك بزيادة حجم الدعم المالي المقدم من قبل الدولة للمستثمر الوطني في القطاع، إلى تفاصيل الحوار: * يحتل القطاع الصحي موقعاً مهماً في استراتيجية رؤية المملكة المستقبلية 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020، كما يحظى بأهمية قصوى لدى الدولة والمجتمع، نظراً لأنه يعنى بصحة الإنسان باعتباره أهم ثروات الوطن.. ما هي أبرز عناصر الرؤية في القطاع الصحي الخاص؟ * نحن ننظر إلى القطاع الصحي الخاص كشريك استراتيجي للقطاع الصحي الحكومي ومكمل له من أجل تقديم أرقى الخدمات الطبية للمواطن والمقيم، والغاية من الرعاية الصحية هي الحفاظ على سلامة وصحة الإنسان السعودي والمقيم باعتبار أن ذلك حقه كإنسان، ثم باعتبار أن المواطن هو أغلى ثروة يمتلكها الوطن، ولهذا فإن غاية القطاع الخاص الصحي أن يقدم أرقى مستويات الرعاية الصحية للمراجع أيا كان. وتلك النظرة هي نفسها النظرة التي تبنتها رؤية 2030، فأهم ملامح الرؤية السعي لرفع كفاءة المستشفيات والمراكز الطبية من أجل تقديم خدمة طبية أفضل للمراجعين من المواطنين والمقيمين، كما تتبنى الرؤية تعزيز جودة الخدمات الصحية والارتقاء بالمنشآت الصحية وزيادة مستويات تأهيل وقدرات الأطباء والفنيين والممرضين للمساهمة في تقديم خدمة طبية أرقى للمجتمع، ومن هذا الاهتمام جاء في الميزانية العامة الجديدة للدولة في عام 2017 رصد مبلغ يزيد عن 120 مليار ريال لصالح قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية. كما تتجه الرؤية إلى زيادة الاعتماد على دور القطاع الخاص الصحي في تقديم الرعاية الطبية، حيث سيتم إفساح المجال لتشغيل المستشفيات الحكومية، ورفع كفاءة تشغيلها، بما يسهم في رفع مستوى الخدمة وجودتها، في إطار توجه لتوسيع مظلة التأمين الطبي ليشمل المواطنين ويراعي تفاوت مستويات الدخل وتوزيع الأعباء بما يتناسب مع الدخل، وعلى أساس قيام القطاع الصحي الخاص بإدارة وتشغيل المنشآت الصحية تحت إشراف ورقابة الدولة من خلال وزارة الصحة ووفق المعايير التي تضعها وتضمن مستوى جودة الخدمة المقدمة. ومن هنا فإن موقع القطاع الصحي في رؤية المملكة 2030، يدخل في الإطار العام للرؤية الهادفة لإعادة هيكلة مؤسسات الدولة بما يزيد من فاعلية أدائها ويقلل من الهدر الذي تعاني منه مؤسسات القطاع العام، وهو ما يخدم الهدف الأبعد المتمثل في رفع كفاءة الاقتصاد الوطني لبناء اقتصاد أكثر قدرة على مواجهة التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي والتحديات الصعبة التي فرضت نفسها على كافة الاقتصادات الوطنية للدول، ومنها المملكة من أجل الخروج من دائرة الاعتماد على النفط كمورد رئيسي وحيد للدخل. وتتجه الرؤية لتبني آليات جديدة تركز على تطوير القطاع الخاص في مختلف المجالات ومنها المجال الطبي وتمنحه الفرصة لإدارة دفة الاقتصاد الوطني، على أن يتولى القطاع العام دور التوجيه والرقابة. * هل باعتقادكم أن القطاع الخاص الصحي مؤهل للقيام بالدور الذي عهدته إليه رؤية 2030، وما هي التحديات التي تواجه القطاع الخاص للاضطلاع بالمسؤولية الملقاة على عاتقه؟ * نحن نعتقد أن القطاع الخاص الصحي لديه الإمكانات والاستعداد والخبرة ما يمكنه من الاضطلاع بهذه المسؤولية، فقد أثبت القطاع نجاحه الواضح في تأسيس أكبر المنشآت الطبية التي حازت ثقة وسمعة مميزة في سوق الرعاية الصحية، وحيث تشير التقديرات إلى أنه يدير حالياً أكثر من 30% من حجم سوق الرعاية الطبية بالمملكة، وهو جاهز بالفعل للتوسع للقيام بالدور المأمول منه في إطار الرؤية التي منحته دوراً أكبر، بحيث تعتمد عليه الدولة في القيام بالمسؤولية الرئيسية في توفير وتقديم الرعاية الصحية بالجودة التي تخطط لها الدولة. كما أن القطاع الخاص الصحي مستعد لاستيعاب المزيد من العاملين في القطاع الصحي من أطباء وفنيين وممرضين وإداريين، ونحن على ثقة من أن الجهات الحكومية المعنية ستتبنى إجراءات أكثر سلاسة وبعيدة عن البيروقراطية والتعقيدات التي تعوق إصدار التراخيص وتعالج تشابك وتداخل الجهات المعنية بإصدار التراخيص، من أجل بناء بيئة أفضل للرعاية الصحية، وتسهيل سياسة خصخصة القطاع الصحي وفق ما تتبناه رؤية 2030. وينادي القطاع الصحي الخاص بعدة مقترحات لتحفيز وتشجيع الاستثمارات في القطاع تتمثل أبرزها في تذليل المعوقات الإدارية التي يواجهها المستثمرون إزاء تعدد السياسات والإجراءات بأجهزة وزارة الصحة في مناطق المملكة، كما يقترح بتنظيم القوانين المتعلقة بالاستثمار في القطاع وتوحيد المرجعية فيها من خلال هيئة صحية تنظيمية تتعامل مع كافة المستثمرين وقادرة على رسم السياسة الاستثمارية في القطاع. كما يطالب القطاع بالسماح لأطباء القطاع الحكومي بالعمل بشكل جزئي في القطاع الخاص لسد النقص في الكوادر المتخصصة، ويطالب كذلك بتسهيل إجراءات الأطباء الزائرين من خارج المملكة بهدف نقل الخبرة وسد النقص في بعض التخصصات، كما يطالب بزيادة حجم الدعم المالي المقدم من قبل الدولة للمستثمر الوطني في القطاع تتمثل في زيادة حجم القروض وتسهيل الحصول عليها. ولو نظرنا إلى التوقعات باستمرار الزيادة السكانية في المملكة من خلال معدل النمو السنوي الذي بلغ 2.55% وفقاً للإحصاءات المقدرة لعام 2014، فإن من المتوقع أن يرتفع عدد سكان المملكة إلى قرابة 35 مليون نسمة في عام 2030، فذلك يعني فرصاً أوسع وأفضل للقطاع الصحي الخاص للتوسع في خدماته لمواجهة هذه الزيادات لتقديم الرعاية الصحية التي تتناسب مع هذه الأعداد. * كيف تقيمون أداء القطاع الخاص الصحي؟ وفي تقديركم كيف ومتى سيتم التوازن ومعالجة الخلل بين نسبة الكوادر الطبية الوطنية والوافدة لدى منشآت القطاع الخاص الصحي؟ * يدرك القطاع الخاص الصحي بحجم المنافسة القوي في سوق الرعاية الطبية، خصوصاً في ظل المرحلة القادمة من تطبيق الرؤية وبرنامج التحول الوطني، ولهذا فالقطاع الخاص مهتم دائماً بالارتقاء بمستوى جودة الخدمة الصحية، كما يدرك أن بقاءه بالسوق يتطلب تقديم خدمة أفضل. وبالنسبة لفجوة الكوادر الطبية في القطاع الخاص فهي لا تختلف كثيراً مع ما يعانيه القطاع الطبي الحكومي، ووفقاً للدراسات المتوفرة فإن حاجة القطاع الصحي عموماً للكوادر الوطنية ستستمر حتى عام 2040، حيث ستظل المنشآت الطبية قادرة على استيعاب كافة الخريجين وتوظيفهم حتى التاريخ السابق ذكره، وتبلغ نسبة السعوديين العاملين في القطاع من الأطباء والفنيين والممرضين حالياً نحو 22% من إجمالي العاملين في القطاع الصحي، ويخدم القطاع الصحي الخاص حالياً نحو 9 ملايين نسمة من المواطنين والمقيمين. * الصناعات الدوائية بالمملكة رغم ما حققته من تطور جيد في السوق السعودية إلا أنه ما تزال هناك الحاجة لضرورة تبني استراتيجية محفزة للاستثمار في مجال الصناعات الدوائية، بهدف توطين هذه الصناعة وتلبية احتياجات السوق المحلية، كيف تنظرون لهذه الرؤية؟ * بالفعل ما يزال حجم مصانع الدواء في المملكة غير كافٍ لتغطية حاجة الطلب، فلدينا نحو 14 مصنعا تغطي فقط نحو 20% من الطلب المحلي بينما يقدر النقص الذي تغطيه وارداتنا من الخارج نحو 80% من إجمالي الاستهلاك، ومن ثم فلدينا حاجة لزيادة حجم الاستثمارات في قطاع تصنيع الدواء لتقليص هذه الفجوة الكبيرة، بيد أنه يتوجب الانتباه إلى أن الاستثمار في القطاع الدوائي ينطوي على كثير من المخاطر تتمثل في صعوبة إيجاد البيئة المناخية المناسبة، فضلا عن الحاجة لتوفير الأراضي والمباني اللازمة لإقامة المصانع الدوائية . وهناك تحديات أخرى تتمثل في حاجة مثل هذه الصناعات لتسهيل الاجراءات والتشريعات للحصول على هذه القروض وكذلك حماية الدواء المنتج محليا واعطائه الاولوية في المناقصات والمشتريات، كما أضافت وزارة العمل تحديات أخرى، تتمثل في ضرورة توفير الكوادر الوطنية التي تعاني ندرة كبيرة في هذه التخصصات، مما يحتم الاستعانة بكوادر من الخارج، مع ملاحظة أن هذه الكوادر الأجنبية تتميز في الوقت ذاته بتنافسية عالية في الأجور مع الكوادر الوطنية. وعلينا كذلك العمل على زيادة مستويات التدريب لتأهيل كوادر سعودية في هذا القطاع لتغطية الفجوة في هذه الكوادر، كما أن البعض من المتوفر منها يتطلب إعادة تأهيله، ومن ثم فإن مثل هذه التحديات مجتمعة تجعل الاستثمار في هذا القطاع لا يلبي طموحات كثير من المستثمرين. * تعاني السوق المحلية كغيرها من الأسواق الإقليمية والعالمية من مشكلة الغش في الأدوية؟ كيف ترون وسائل المواجهة؟ * لا جدال أن الغش في أي سلعة يحمل أضراراً بالغة على صحة وسلامة الإنسان، وقد يكون أشد خطراً إذا كانت السلعة دوائية أو غذائية، ولهذا فإن كل الجهات الرقابية بالمملكة تتابع وتكافح هذه الظواهر من أجل حماية المستهلك وتحصين الأسواق من هذه الممارسات المجرمة وغير الأخلاقية، كما أن الإعلام بكل قنواته وأدواته مطالب بدور مهم في توعية المجتمع بخطورة هذه الممارسات وكيفية وقاية المستهلك من السلع المغشوشة وخصوصاً هنا في مجال الأدوية. والغش في الأدوية يتخذ صوراً عديدة، فعلى سبيل المثال يأخذ شكل الغش في الاسم التجاري، أو التلاعب بمكونات الدواء من المواد الفعالة، والتي ينبغي استخدامها بمقادير محددة بشكل دقيق، وهل تصدق أن بعض الشركات المقلدة التي لا يهمها سوى الربح على حساب صحة الإنسان تلجأ لاستخدام مواد ضارة للإنسان في غش الأدوية، وساهم انتشار الإنترنت في اتساع نطاق تجارة الأدوية المغشوشة والمقلدة، ولهذا فإنه من المهم زيادة التعاون الإقليمي والدولي لسد المنافذ أمام محترفي الغش في الأدوية. ونحن في اللجنة الطبية بغرفة الرياض واللجنة الفرعية المنبثقة عنها -لجنة الأدوية- ننبه الشركات المصنعة للأدوية الأصلية ووكلاءها، للتعاون في الكشف عن الأدوية المغشوشة أو المتلاعب في تكوينها والتي تضر بصحة الإنسان، من أجل كشف هذه الممارسات وحماية المستهلكين من أضرارها. د. خالد السبيعي