كنت في زيارة لأحد الأصدقاء الذي عاد مؤخراً من خارج المملكة بعد أن أمضى ما يقارب الستة أشهر ملتحقاً بدورة تدريبية مكثفة في مجال تخصّصه التقني. في تلك الليلة سعدت بلقاء والده، واستمتعت أكثر لحديث الجَد ورواياته الجميلة عن عصاميّة الرجال، وتأكيده أكثر على أهمية اغتنام الشباب للفرص في حياتهم العلمية والعملية، وتشجيعهم على الجِد والاجتهاد والمثابرة، كنت أنتظر حديث زميلنا الشاب العائد من السفر ليحدثنا عن أبرز ما تلقاه من علم ومعرفة في هذه الدورة التدريبية، وإذا بنا ننصت جميعاً نحن وإياه والحضور لحديث الخبير في الحياة حديث بين جيلين حديث المشجّع والمحفّز لا القانط والمثبّط. في حديث "الجَد" أصغى الجميع لبعض القصص والمواقف والأحداث التي مرّت به في حياته، وأنّ همّته وصبره تحدّت الصعاب وتحقّق المراد في مواجهة التحديات حتى نال مراده في تحقيق المكاسب في أعماله التجارية. مما تحدث به ومما سمعته من غيره يؤكد الجميع على أنّ الشباب هم عماد المستقبل والثروة الحقيقة للوطن، وحينما يكون الطموح الرقي للأعلى فلا بد من دعمه ومساندته بل والعناية والرعاية له ابتداءً من أسرته ومروراً ببقيّة مؤسسات المجتمع. إن الشباب حين يجدون الاهتمام ستظهر إبداعاتهم ومواهبهم، وسيحقّقون النجاحات والمكاسب تباعاً وهذا ممّا يدحض الأقاويل والأراجيف التي تتّهم شبابنا بعدم الجدّيّة والإخلاص في العمل والتفاني فيه. إنّ الإنسان ليتألّم حينما يجد الكسالى غير المنضبطين المضيعين لأوقاتهم بدون أدنى فائدة ترجى، ويتحسّر على الساعات الطوال التي يقضونها في أمورٍ تافهة وقد تكون ضارة، وفي نفس الوقت هناك شباب أكفياء حققوا نجاحات كثيرة، وشباب المملكة من الذكور والإناث هم ثروة الوطن وصناع المستقبل ولابد من تشجيعهم ودعمهم مادياً ومعنوياً بدلاً من تكسير مجاديفهم وتحطيمها فهم الاستثمار الأمثل للوطن وهم ثروته الحقيقية. وفي الوقت نفسه فعلينا جميعاً أن نستذكر نعم الله علينا ونقابلها بالشكر والثناء للمولى -عز وجل- فقد كان آباؤنا يذهبون لطلب العيش في الخارج وأصبحنا نستقبل أبناء هذه البلاد للعمل لدينا، وقريباً سنكون بإذن الله موقعاً بارزاً ليس للعمل فحسب بل للتعلم وكما أن شبابنا يذهب للدراسة والتدريب في الخارج فسيكون لنا بإذن الله عبر جامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية والفنية دور في استقطاب الدارسين وهذا بعون الله ثم عزيمة العاملين ورؤية القيادة الرشيدة للنهوض بمستوى التعليم ومن خلال الشباب الذي تلقى تعليمه في الداخل والخارج والذي سيؤكد أنه ثروة البلد القادمة.