من منكم لاحظ تكرار التحديثات في الأجهزة الإلكترونية التي يستخدمها، سواء أجهزة حاسب آلي أو هواتف محمولة، غالباً لا يمر أسبوع إلا ونجد رسالة لتحديث وترقية برنامج ما، بعضها مجاني وهنالك ما يتطلب رسوما معينة، وغالبية تلك التحديثات جيدة، وبها كثير من الحلول لمشكلات واجهت النسخ القديمة من البرامج. أقول هذا الكلام وأنا أتذكر الحديث الذي جرى بيني وبين أحد الأصدقاء عن وضع المشهد الثقافي في المملكة، عندما علق قائلاً الثقافة في المملكة تحتاج إلى تحديث، مشيراً إلى أن هنالك أسماء ثابتة منذ سنوات لم تتغير، وهنالك فعاليات تتكرر كل عام دون تجديد، وطرح مثلاً بعض ضيوف المهرجانات والملتقيات الأدبية، منذ سنوات والأسماء لم تتغير ولم "تُحدّث"، قلت له الأمر ليس بالفعاليات ولكن بالأشخاص "أدباء ومثقفين"، فئة من هؤلاء اكتفوا بصيت سابق ولم يطوروا أنفسهم ولم يقدموا أي عمل جديد، قد تكون ملكة الإبداع لدى بعضهم نضبت، وغالباً لا يسعون إلى تنمية قدراتهم الإبداعية، هؤلاء الفئة يسعون للتواجد في تلك المناسبات لإثبات الحياة، وهذا من حقهم، وفئة أخرى فضلت أن تعيش في الظل بعيدا عن كل وسائل التواصل فأصبحوا مغيبين رغم تميز أغلبهم، وهؤلا لا نراهم مطلقاً في الفعاليات الثقافية، وعموماً المزعج وأتفق كثيراً مع صديقي هو تكرار الأسماء. صدقوني الثقافة تحتاج إلى تحديث، ونحن في شوق لتشكيل الهيئة العامة للثقافة، نتفاءل ونتوقع أن سيكون هنالك تغيير في تركيبة الثقافة في المملكة، وأنا هنا أتذكر وضع الأندية الأدبية في زمن ما قبل وزارة الثقافة والإعلام، نتذكر أن البعض أطلق عليها اسم "الأندية الأبدية" لكون أعضاء مجالس إداراتها لم يتغيروا لسنوات طويلة، فكانت مبادرة الدكتور عبدالعزيز السبيل بتحديث مجالس الأندية الأدبية، ولاحظنا وقتها النشاط الذي أصاب تلك الأندية، والفعل الثقافي المتميز، بالطبع ذلك التغيير مضى عليه سنوات ويحتاج إلى تحديث.. الثقافة في المملكة يجب ان تخرج من إطار التقليدية في كل اوجهها، نحن نعيش رؤية المملكة الحديثة 2030، وهنا المسؤولية ليست على عاتق المؤسسات الثقافية فقط بل على جميع الأدباء والمثقفين، لابد من التغيير، من خلال طرح ما هو جديد ومختلف، وسائل التواصل الحديثة مع التقنية الحديثة ألغت صعوبة الوصول للآخر، فكل مهتم بشأن أدبي يستطيع التواصل مع المتلقي والمبدع والحوار معه عبر البرامج الحوارية في الحاسب مباشرة، ومن خلال ذلك يتم تبادل الآراء، والمواقع الثقافية الإلكترونية تستقبل كل مشاركة تصل اليها ليقرأها ويتصفحها كل من يصل للموقع. لابد من مراجعة شاملة لوضع المؤسسات الثقافية بمجملها مثل الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون والمكتبات العامة، لابد من هيكلة جديدة وإذا أمكن دمج، مع تفعيل جمعيات المجتمع المدني الثقافية، والتي كان نواتها جمعية المسرحيين وجمعية التشكيليين والخط العربي والتصوير، ولابد من جمعية للأدباء، عندما تفعل هذه الجمعيات وتدعم في السنوات الأولى مع عدم تكرار أخطاء جمعيتي المسرحيين والتشكيليين والتي أدى إلى إجهاضهما مع خلق مشكلات بين أعضائهما، أقول عند نجاح هذه الجمعيات، ستخدم الحركة الثقافية في المملكة. التحديث الذي نتمناه ونتفق جميعا عليه هو ما يضيف للحركة الثقافية في المملكة ويجعل لكل أديب ومثقف سعودي حضورا وتميزا ليس في المملكة فحسب بل في العالم أجمع.