قرأت مؤخرا تقريرا يفيد بأن المسلمين والهندوس واللادينيين سيشكلون غالبية دينية في أميركا خلال السنوات القليلة القادمة.. نشر التقرير مركز بيو للأبحاث والاستطلاع وتضمن مقارنات كثيرة بين مختلف الديانات والطوائف السائدة في أميركا.. ومن خلال دراسته لمتوسط الأعمار لاحظ أن المسلمين والهندوس واللادينيين يتمتعون بمتوسط أعمار أقصر من المذاهب المسيحية العريقة.. ففي حين لا يتجاوز متوسط أعمار المسلمين والهندوس (ومن لا يملكون ديانة محددة) 30 عاما، يتجاوز متوسط أعمار المسيحيين (أتباع الكنائس البروتستانتية) 59 عاما.. وهذا يعني أن المسلمين سيعمرون لوقت أطول، وينجبون أطفالا أكثر (بحكم وجود معظمهم في سن الانجاب) بحيث يصنعون فارقا عدديا في المستقبل.. وبالطبع لا ينكر أحد ان العنصر البروتستانتي الابيض فرض نفسه في القارة الأميركية بأسبقية الاكتشاف والهجرة (ولايزال يشكل 61% من عدد السكان) ولكن منذ الخمسينيات بدأت نسبة المهاجرين الاوروبيين البيض تتراجع لصالح المهاجرين من آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية. وفي عقد التسعينيات أشارت الاحصائيات الى ان 20% فقط من المواليد الجدد يعودون الى أصول بريطانية بروتستانتية بيضاء (العرق المؤسس للولايات الأم). وفي ظل ارتفاع معدل التناسل والهجرة للأعراق السمراء يتوقع تحول البيض الى أقلية في أميركا بحلول عام 2050! .. وإذا تركنا مسألة الدين (وتحدثنا عن مسألة العرق) نلاحظ أن كثيرا من المدن الرئيسية في أميركا سلخت جلدها الأبيض منذ زمن طويل؛ فالسود مثلا اصبحوا يشكلون 80% من سكان العاصمة واشنطن، ونصف سكان فلوريدا ولدوا في أميركا اللاتينية، وثلاثة أرباع سكان نيويورك مهاجرون غير اوروبيين، أما ولاية كاليفورنيا فاستقبلت منذ التسعينيات ثلثي الآسيويين ونصف اللاتينيين المهاجرين لأميركا! .. ورغم أن البيض البروتستانت لايزالون يمثلون (الواجهة النمطية) لأميركا إلا أن المجتمع نفسه بدأ يتحول الى اللون الأسمر وبدأت أعظم قوة في العالم تصبح أقل (انجلو أوروبية) وأكثر (آسيو لاتينية).. ففي عام 1860 مثلا تم تصنيف الشعب الأميركي في ثلاث مجموعات عرقية فقط هي: البيض والسود والخلاسين. اما هذه الأيام فهناك 21 مجموعة عرقية رسمية تشكل ثلث المجتمع الأميركي! .. على أي حال؛ ظاهرة التحول الديموغرافي ليست حديثة ولا قاصرة على أميركا كون التبدلات السكانية والدينية والثقافية ظاهرة يمكن رصدها خلال التاريخ وفي كافة الثقافات والبلدان.. خذ كمثال سكان العراق (هذه الأيام) الذين تعود جذور معظمهم إلى الجزيرة العربية في حين تحول سكانه الأصليون من الكلدانيين والأشوريين إلى أقليات صغيرة.. ونفس الحال ينطبق على بلاد الشام حين توجد بين الغالبية العربية قرى سريانية مازالت تتحدث بالآرامية (لغة المسيح عليه السلام).. أما في شمال أفريقيا فطغى التأثير العربي على قبائل البربر بعد الفتوحات الإسلامية رغم بقاء اللغة الأمازيغية.. في حين تقلص حجم اليهود في عالمنا العربي بشكل كبير وكاد أن ينتهي هذه الأيام بسبب الهجرة المكثفة لإسرائيل! .. أيها السادة؛ بلدية لندن ترأسها صادق خان بعد أيام قليلة من كتابتي لمقال "الديموغرافية الإسلامية تنتصر".. وفي حال لم يعترف باراك أوباما بجذوره الإسلامية، أتوقع في هذا المقال أن يحكم أميركا رجل مسلم قبل عام 2050.