الحمدلله فقد عشنا فرحة بإفطارنا لثلاثين يوما بعد الصيام.. وننتظر فرحة أخرى يوم لقاء الله عز وجل (للصائم فرحتان) واليوم هو أول أيام عيد الفطر المبارك.. عيد لن أقول فيه عيدً بأي حال عدت يا عيدُ.. ولكنني سأخصص حديث سوانح اليوم بإطلالة على العيد في الماضي.. وأمر آخر له علاقة طبية.. إن كان في سوانح متسع.. ماضٍ لم يبق منه إلا صدى سنينه الحاكي.. ماضٍ كلما بعُد افتقدنا نحن الكبار فرحة العيد.. فالعيد والفرحة في ظني لا تنفك عن أو تنتجها الدهشة بالأشياء التي يعيشها أو يتمتع بها الطفل (الذي كنته يوما من الأيام) وإليكم بعضاً من عيد أيام زمان: فنهار العيد يتخلله أو نقضيه في (الدوجان) منذ الصباح الباكر بين أحياء المعيقلية والعطايف والظهيرة والقرينين.. نخطر في ملابس جديدة وكنادر جديده نحرص على مسحها كلما طالها الغبار.. كنادر غير مريحة لأن حجمها كبير ومحشوة ببعض الورق أو الفلين لتستوعب أقدامنا الصغيرة.. ينزعه الأهل بعد عام أو نحوه عندما يكبر حجم أقدامنا.. كما يُفعل بالثياب الجديدة يتم تفصيلها بطول يزيد على مقاسنا قليلاً وأكمام كذلك يعمل فيها ما يسمى "خبانه" يتم فتقها عندما يزداد طولنا ونشب عن الطوق.. وكلها من قماش وخام الدوبلين.. فثياب التترو وابوغزالين للبعض وللقلة فقط.. ونطرق بعض الأبواب لنعطى بعض القريض وحلاوى عسل وبرميت وحلقوم وبعض القروش المعدنية القليلة فئة القرشين والأربعة قروش.. والأربعة قروش هذه تذهب في العادة لشراء العسكريم.. ويُروى أن امرأة كبيرة في السن والمقام أو القيمة الاجتماعية كانت تعطي الأطفال عيدية حسب مرتبتهم الاجتماعية من غنى ونحوه.. قامت في إحدى المرات باقتطاع جُزء مما في فمها من علك أو لبان لتعطيه عيدية لطفل صغير.. الذي يأخذها ويضعها في فمه ويمضغها فرحا وبدون أي شيء آخر حتى القريض.. وكان لا يعكر صفو التنقل بين البيوت لجمع العيدية شيء.. إلا عندما نُباغت على حين غرة بمن يحمل سوطاً يهزه في الهواء وهو يقول "حط قمرق" وكانت لدي لعبتان ناريتان أثيرتان إلى نفسي شمس النهار وشروخة أبو ديك.. وشمس النهار هي لعبة طفولية سبق لي أن تحدثت عنها بإسهاب.. المهم انها تذكرني الآن بأعواد "سلفر نيتريت" التي تستعمل في كي الأنوف النازفة أو الإرعاف.. وكل عام وأنتم بخير.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله. *مستشار سابق في الخدمات الطبية.. وزارة الداخلية