كلمة الحويط مغرقة في القدم وتعني مكانا صغيرا لا تتعدى مساحته بضعة أمتار في داخل فناء المنزل الطيني أيام زمان.. وقد يكون الحويط مستقلاً خارج البيوت الطينية.. بحيث يكون في (عاير) أو زاوية أحد الأزقة ويكون معروف الملكية لأحد سكان الحي الطيني (والحويط) كما أتذكر يحوي بضع نخلات مثمرات يتعهدها صاحبها بالعناية من ري وسُقيا وتلقيح وتشذيب وتكريب.. فتكون مصدر (الرطب والتمر) لغذائه وغذاء عائلته طوال العام مع (قفر) ولبن قليلين وجراد كثير في مواسم كثيرة.. والحويط قد يحتوي على (قليب) مصدر للماء.. فيكون هناك بالضرورة مايسمى (القرو) وهو حجر منحوت يستعمل للغسول.. بحيث يذهب الماء بعد الغسل لسقيا النخلات التي قد لا يتعدى عددها ثلاث أو أربع نخلات باسقات طلعها نضيد.. ولأننا نعيش هذه الأيام مناسبة عيد الفطر السعيد.. فثمة هاجس كان يُعكر صفو العيد وفرحته بالنسبة لنا نحن الأطفال أيام زمان.. وهو (القمرق) أي دفع ضريبة (اتاوه) لأطفال أكبر أو صبية يتربصون مقابل مرورنا في حيهم والواحد منهم يحمل صوطاً مبروماً يهدد به الأطفال الصغار وحتى البنات الصغيرات.. فيستولون بالقوة على مالديهم أو لديهن من قروش كثيرة أو قليلة (حتى القريض) لا يسلم من المصادرة والاستيلاء و(حط قمرق) في الماضي كأنظمة الأممالمتحدة هذه الأيام.. فمن يأنس في نفسه مقدرة وقوة على تهديد الأطفال الآخرين يفعل ذلك.. ولا أنسى كم من مرة تسبب (حط قمرق) في غصة ولوعة وحسرة وبكاء أيام العيد لأطفال كُثُر (وأنا منهم) ومع انني كنت طفلاً مسالماً إلا انني قمت في أحد الأعياد وكنت في سن التاسعة أو العاشرة (منتقماً ومقلداً من هو أقوى مني) بحمل سوط مبروم ومباغتة ثلاث بنات صغيرات كن يمشين بالقرب مني ويخطرن في ملابسهن الجديدة.. وتهديدهن بالضرب قائلاً حطو قمرق.. فتمكنت من الاستيلاء على مايحملنه من قروش قليلة لا تتعدى الثلاثة ريالات مع (بعض القريض وحلوى حلقوم) إلا انني لم أهنأ بتلك الغنيمة.. فقد باغتني طفل أكبر مني كان متربصاً في مكان غير بعيد يرقب ماقمت به مع البنات الصغيرات ويحمل سوطاً أقوى.. فصادر (تحت تهديد السلاح) كل ماغنمته من قروش قليلة وحتى حلوى الحلقوم والقريض (كل آفة عليها آفة) وكل عام وأنتم بخير وعيدكم مبارك.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله.