من أكثر الحالات الإسعافية التي يتعامل معها طبيب الأنف والأذن والحنجرة في الطوارىء والعيادة هي حالات إرعاف أو نزف الأنف (إيبيستاكسس) ومع أن منظر الدم النازف يخيف ويرعب من يراه.. إلا أنني في كل مرة أُباشر مثل هذه الحالات أكون رابط الجأش.. وعلى النقيض تماماً مما يعانيه من ينزف أنفه من خوف وارتباك.. أو أحد الأبوين إن كان الراعف أنفه طفلاً أو طفلة.. والسبب ببساطة أن من أولويات إسعاف الإرعاف هو عدم الخوف أو الارتباك والأخذ بزمام المبادرة (دُنت بانك) كما تعلمناه في أبجديات الإسعافات الأولية.. ولكثرة من يراجعون بسبب الإرعاف تكون كل عيادة وكذا غرفة الطوارىء مجهزة بقطع من الشاش مغموس بمادة الأدرينالين (قووز سووكد ويذ أدرينالين) لحشوها في أنف الراعف عند الحاجة.. والبعض يقوم بالمبالغة في رفع رأسه وانفه للأعلى عندما يرعف أنفه.. وهذا خطأ والصحيح هو ثني الرأس إلى الأسفل.. وهناك ثلاث قواعد أساسية تستجيب معظم حالات الإرعاف لها فيقف النزف.. وهي عدم الارتباك.. الضغط على الأنف بين الإبهام والسبابة والطلب من المصاب بأن يثني رأسه إلى الأمام والأسفل وأن يتنفس عن طريق الفم.. ومن خلال خبرتي المتواضعة أذكر ان معظم حالات الإرعاف تتوقف بمجرد تهدئتي لروع المصاب والقيام ببعض الإجراءات البسيطة كالضغط على الأنف بمساعدة الممرضة بشاشة وثلج وفي حالات أقل أضطر لحشو الأنف بشاشة الأدرينالين لعدة دقائق.. فيخرج المريض بعدها من العيادة وقد توقف الإرعاف.. فالأدرينالين يعمل على انقباض الأوعية الدموية النازفة وهي من أضعف الأوعية الدموية في جسم الإنسان (ليتل إريا) في الأنف وهي أوعية خلقها الله ضعيفة وتنزف لأبسط سبب.. وبالتالي يقف نزفها أيضا بإجراء بسيط.. ولا تخلو كل أسرة من طفل يعاني من الإرعاف بين حين وآخر.. يختفي عندما يكبر.. وعن نفسي أقول انني كنت أعاني من الإرعاف طيلة أيام الطفولة والمراهقة.. واختفت في بداية دراستي الجامعية في لاهور وبدون أي علاج.. وختاماً أقول لمن لديه طفل يعاني من الإرعاف المتكرر بأن لا يقلق حتى لو شاهد مخدة ابنه أو ابنته وقد امتلأت بالدم بعد الاستيقاظ من النوم.. وعليه اتباع بعض الإرشادات كتجنب التعرض لحرارة الشمس والتعرض لأي ضربة للأنف أو العبث داخل الأنف ونحو ذلك.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله.