دلت النصوص من كتاب الله تعالى وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم على فضل المرابطة في سبيل الله تعالى وعظيم أجر الشهادة في سبيله جلَّ وعلا، وهذه الأدلة والنصوص معلومة لدى الجميع ورجال الأمن يتلون كتاب الله تعالى ويعلمون فضل الشهادة في سبيل الله تعالى وحسبهم رفقة الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. وهذه رسالة إلى شهداء الواجب من رجال أمننا البواسل في مواجهة القصيم (بريدة والمذنب) أولئكم الأبطال الخمسة الذين قدموا أرواحهم على أكفهم إيماناً بواجب الدفاع عن العقيدة الصحيحة المتوارثة من عهد النبوة ووفاءً بقسم أقسمه كل واحد منهم على كتاب الله تعالى أن يكون مخلصاً لدينه ثم مليكه ووطنه أولئكم الخمسة الذين استشهدوا وهم مرابطون في سبيل الله تعالى واستشهدوا غيلة وقتل الغيلة إنما يلجأ إليه الجبناء الخونة لدينهم وولاتهم ومجتمعاتهم. كم سفك هؤلاء الخونة من دماء معصومة تركع وتسجد لله تعالى، وكم رملوا من النساء وكم يتموا من الأطفال وكم دمروا من الممتلكات والمنشآت. هؤلاء الخونة يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان شأنهم شأن الخوارج الأوائل قتلة عثمان رضي الله عنه وهو يقرأ القرآن، فما جوابهم اذا جاءت لا إله إلا الله يوم القيامة تحاج عن أصحابها وما جوابهم حين يأتي كل قتيل من هؤلاء الشهداء يحمل رأسه على كفه ودمه يثعب من جرحه لونه لون الدم وريحه ريح المسك يقول يا رب سل هذا فيم قتلني؟ هؤلاء الشهداء الأبطال قد أفتى، فيهم وفي إخوانهم من شهداء الواجب الذين قضوا في الدفاع عن العقيدة وحماية الأمن عدد من كبار علمائنا الراسخين في العلم بأن من يُقتل منهم فنحسبه شهيداً عند الله تعالى. ولوجود بعض من مرضى القلوب ممن يشكك في شرعية مواجهة تلكم الفئة الضالة والطغمة المنحرفة عن صراط الله المستقيم ويشكك في حرمة دماء رجال الأمن بحجة أنهم أعوان الفسقة كما يملي عليه شيطانه وهواه، وربما يكون هذا المريض قلبياً من بعض من تولَّى منصب إمامة المصلين أو بعض من تولى مهمة الفصل في قضاياهم أو بعض من تولَّى مهمة تربية وتعليم أبنائهم أو غيرهم من بعض من حمل مؤهلاً شرعياً وأطلق على نفسه مفتي الديار والأمصار، فإن الخطب عظيم والخطر جسيم والهوة كبيرة. أما رجال أمننا فأقول لهم هنيئاً ثم هنيئاً لكم، فكم والله يتمنى المرء لحظة يرابط فيها في سبيل الله تعالى، إذ المرابط في سبيل الله وكما أخبر نبي الهدى يفوق أجره القائم الذي لا يفتر والصائم الذي لا يفطر، وأنتم أيها الأبطال قد أمركم الله تعالى بسؤال أهل العلم {فاسألوا أهل الذِّكر إن كنتم لا تعلمون}، واعلموا أنه ليس كل من حمل مؤهلاً شرعياً أو أطلق عليه لقب شيخ أو طالب علم وإن وصل إلى درجة عالية في منصب إداري أو غيره أقول ليس كل واحد مؤهلاً للفتوى الشرعية، فالفتوى الشرعية لها رجالها من كبار علمائنا الربانيين الذين عُرفوا بالعمق في الفقه في دين الله وعُرفوا بالتجرد من الهوى في الفتوى وعرفوا بسلامة المعتقد وسلامة التوجه، فهؤلاء وهؤلاء فقط الذين أنصحكم بالصدور عن فتاواهم والأخذ بها، فأنتم مرابطون في سبيل الله وفي كل لحظة ينتظر أحدكم أن يقدِّم أثمن وأغلى شيء لديه؛ روحه التي بين جنبيه ولا أظن عاقلاً يفرِّط في هذه الروح باستفتاء من ليسوا أهلاً للفتوى ممن عُرفوا بضحالة العلم أو عُرفوا الهوى والتأثر ببعض الأفكار الوافدة. ولشهدائنا أقول هنيئاً لكم ثم هنيئاً فقد فارقتم هذه الحياة وانتقلتم إلى جوار الله تعالى، قد أرضيتموه سبحانه بالقيم بواجبكم على أتم وجه وأكمله وحسبكم تقديم أرواحكم، ثم أرضيتم ولاتكم بالوفاء لهم بما بايعتموهم وأقسمتم عليه ونحسبكم ممن قال الله فيهم: {ولا تحسبن الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربِّهم يُرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين}. ٭ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية