لعل كثيراً منكم شاهد فيلم «الحدود» للنجم السوري دريد لحام.... فهذا السائق البسيط يفقد جواز سفره بين دولتين عربيتين فيظل عالقاً بين الحدود - لا هو قادر على دخول الوطن الشقيق ولا العودة لوطنه الاصلي بدون جوازه الرسمي -.. وفي حين يمكن للماعز والخراف التنقل بين البلدين بلا حسيب أو رقيب يظل هو عالقاً تائهاً في مساحة ضيقة بين الدولتين الشقيقتين... اعتراضي الوحيد ان الفيلم اختار للدولتين العربيتين اسمين غير عربيين على الإطلاق (شرقستان وغربستان)، فرغم براعة الاختيار - وانسجام الاسم مع دول كثيرة نعرفها - الا ان الكلمة الملحقة بالاسمين «ستان» فارسية الأصل وتعود جذورها الاصلية الى اللغة الهندوروبية القديمة (وهي اللغة الام التي تفرعت منها الفارسية واللاتينية والجرمانية، ولاتمت بصلة للغة السامية التي تفرعت منها العربية والعبرية والآرامية)! ومن المعروف ان البحث في جذور الكلمات والمفردات المشتركة (بين اللغات الحديثة) طريقة مقبولة للبحث في اصول الشعوب الحالية والمواقع التي هاجرت منها قديماً، فبهذه الطريقة امكن مثلاً تحديد الموطن الاصلي (للغجر) حيث لاحظ العلماء وجود مفردات مشتركة بينهم وبين السكان في شمال الهند. وبنفس الطريقة تمكن عالم الانثربولوجيا تشيلد في كتابه «الاريون» من اكتشاف صلات قوية بين الهند القديمة واللغات الاوروبية الحديثة. وباسلوب مشابه رسم العالم الالماني شلايش (عام 1860) نموذجاً لشجرة تطور اللغات العالمية وتفرع الشعوب القديمة... وبناء عليه نفترض وجود علاقة قديمة (جداً) تربط مختلف الشعوب التي تنتهي بكلمة «ستان» مثل باكستان وافغانستان وتركستان وكازاخستان واوزبكستان (رغم التفاوت اللغوي والثقافي الذي تبدو عليه الآن)! على أي حال، دعونا نعد لموضوعنا الاساسي ونتساءل عن معنى «ستان» في اسماء تلك الدول!؟ .. فكما قلنا سابقاً كلمة ستان تعود في جذورها الاصلية الى اللغة الفارسية القديمة وتعني (موطناً) او (أرضاً). وبهذا المعنى يتم إلحاقها بافغانستان كتعبير عن (أرض الافغان) وتركستان (أرض الترك) واوزبكستان (أرض الاوزبك) وكردستان (أرض الاكراد).... وهكذا.. وفي الحقيقة حتى كلمة «ستان» نفسها (Stan) مشتقة من كلمة اكثر قدماً هي (Sta) التي تشير حتى اليوم الى الجلوس او البقاء في مكان واحد!! اما بخصوص (باكستان) فيعد الاسم حديثاً مقارنة بغيرها من دول «الستان» ... فهذا الاسم لم يكن موجوداً قبل الاستعمار البريطاني وانفصال الهند الى دولتين كبيرتين هما (الهند وباكستان). ففي حين احتفظت الهند باسمها كان لزاماً على الاجزاء الإسلامية المستقلة اختيار اسم يناسب التعددية العرقية فيها. وهكذا وقع الاختيار على كلمة مركبة اختير اول حرف منها (وهو p) من الجانب ال«بنجاب» اكبر مقاطعات البلاد، وثاني حرف (A) من «أفغان» كإشارة للشعوب الافغانية في المنطقة، اما ثالث حرف (K) فإشارة الى مقاطعة كشمير المهمة - التي ما زالت محل نزاع بين الدولتين... وحين تضاف هذه الاحرف الثلاثة الى كلمة ستان (PAK-ISTAN) تشكل في مجملها اسم باكستان الحديثة كتعبير عن (وطن الكل) او (أرض الجميع)..