إذا كان لكل مُبدع سمات خاصة تميزه عن سائر الناس، فيُمكن أن نقول بأن الشاعر والراوي رضا طارف الشمري (1361-1437ه) رحمه الله، الذي انتقل إلى رحمة الله الأسبوع الماضي، قد امتلك العديد من السمات التي ساهمت في شهرته ومحبة الناس له، ولعل السمة البارزة التي جذبت الكثير من الناس –وأنا أحدهم- لمتابعته والتعرف على المخزون الشعري الرائع الذي يمتلكه هي نبرته الشمالية المميزة، وقد أشار الدكتور فايز البدراني في مقدمة (ديوان الشاعر رضا طارف الشمري) إلى هذه السمة فقال: "هو طراز فريد بين الشعراء المعاصرين، لما يتميز به من موهبة الحفظ ورواية الأشعار القديمة، لكن الأهم من ذلك هو طريقته في الإلقاء ولهجته البدوية الشمالية الأصيلة المتميزة، التي تضفي على أشعاره ومروياته نكهة خاصة يتميز بها عن غيره، وتزيد من قابلية أشعاره عندما يلقيها بصوته، وهذا ربما يجعل قراءة قصائده لا تعطي نفس القوة والجاذبية التي يجدها المستمع عندما يلقيها الشاعر بصوته، ولهذا فإني أتمنى أن تبادر إحدى الجهات أو المؤسسات المهتمة بحفظ الشعر العامي ولهجات أهل هذه البلاد، إلى تسجيل أشعاره ورواياته بالصوت والصورة، وحفظها حفاظًا على تلك اللهجة المميزة". الطريقة المميزة في الحديث وإلقاء الشعر هي أول ما لفت نظري للشاعر رضا طارف عندما كنت أستمع إليه في البرنامج الإذاعي الذي يُقدمه الإعلامي القدير الأستاذ إبراهيم اليوسف، وبالطبع لم تكن طريقته المميزة في الإلقاء السمة الوحيدة التي تُثير الانتباه والإعجاب به، فقد كانت قدرته الفائقة على الحفظ إحدى السمات النادرة التي جعلت منه مرجعًا مهمًا للأدب الشعبي، ومن حسن الحظ أن بيننا من أدرك قيمة هذا الرجل وساهم في تدوين جزء من المرويات الشفهية التي يحتفظ بها في ذاكرته، كما فعل ذلك الأستاذ إبراهيم اليوسف في (قصة وأبيات)، والدكتور فايز البدراني، الذي قام بجمع ونشر ديوان الشاعر وجزء من مروياته، وكذلك الدكتور سعد الصويان الذي كان رضا مصدرًا من مصادر المرويات التي تضمنها كتابه الضخم (أيام العرب الأواخر). ولا ننسى في هذا السياق جهد الشاعر والإعلامي ناصر المجماج الذي ساهم هو الآخر في تعريفنا عن قرب بشخصية رضا طارف وفي توثيق شيء من سيرته في حوار جميل –ربما يكون هو الأخير للشاعر-أجراه معه في حلقة من حلقات برنامج (عمالقة الشعر)، ويكشف لنا الحوار عن زوايا مختلفة من حياة الشاعر، وعن شخصيته العفوية وبساطته وما يتمتع به من أخلاق ولباقة في التعامل. في ختام هذه السطور نسأل الله العلي القدير الرحمة والمغفرة للشاعر والراوي رضا طارف ولجميع المسلمين.