صدرت حديثاً الطبعة الأولى من كتاب (مرويات الأمير محمد الأحمد السديري) مُتضمّنة كثيرا من القصص الأخبار والأشعار الشعبية التي سجّلها الأمير محمد السديري - رحمه الله - بصوته أو دوّنها من أفواه الرواة والشعراء، وقد قام بمهمة جمع شتات هذه المرويات وتحقيقها الباحث القدير الأستاذ سليمان الحديثي بالتعاون مع أبناء المؤلف. ويقع الجزء الأول من المرويات في 294 صفحة بُدأت بإهداء كَتَبه ابن المؤلف الأستاذ يزيد السديري وجاء فيه: "إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، حفظه الله ورعاه ووفقه للخير، لمكانته في قلب والدي، رحمه الله، ومكانة والدي في قلبه ولحبه وعنايته بتراثنا الجميل". تلاه قصيدة قديمة أرسلها المؤلف، رحمه الله إلى الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ثم مُقدمتين موجزتين كتب الأولى الأستاذ يزيد السديري، وركّز فيها في عدة أمور أهمها: حرص المؤلف على الاستماع إلى المرويات من أبرز الشعراء والرواة من شتى المناطق والقبائل وتحريه الدقة وللحقيقة، وكذلك تأكيد حرصه على عدم الإساءة إلى أحد، وتوضيح أن الدافع الأصلي لجمع هذه المرويات هو "حب التاريخ وعشق تراثنا بما فيه من شيم الرجولة والكرم والفروسية". المُقدمة الثانية كتبها مُحقق الكتاب الأستاذ الحديثي وتحدث فيها عن مسألة نشوء فكرة هذا الإصدار، وبيّن أن الأمير محمد السديري رحمه الله لم يعمد إلى تأليف هذا الكتاب لكن الكم الجيد من المرويات - المُسجلة أو التي وُجدت مكتوبة - وما تحمله من قيمة وفائدة ولّدت فكرة الإصدار وأغرت بجمعها والانتقاء منها وإتاحتها للمهتمين. وأشار المُحقق أيضاًَ إلى منهجه في تحقيق المرويات ويتلخص في: "وضع مداخل بخط أصغر من خط السالفة الأصلية التي رواها المؤلف ووضع عناوين وهوامش تتضمن التراجم والشروح والتعليقات وكذلك إيراد المرويات بلهجة راويها" ما عدا بعض الاستثناءات، ومن العناوين الكثيرة التي وضعها المُحقق للمرويات: (من أخبار وأشعار تريحيب بن شري)، (قصة هادي بن شريعة الشمري مع محبوبته)، (من أخبار وأشعار عجلان بن رمال)، (من أخبار غريّب الشلاقي ووالده)، (شعراء السدارا في الدولة السعودية الثانية)، (قصيدة حربية للدروز)، (من أخبار وأشعار الشعلان).. وغيرها. غلاف الحداوي ويأتي هذا الإصدار الرائع امتداداً لجهود أبناء الأمير محمد الأحمد السديري، رحمه الله، لإخراج تراثه الأدبي إلى النور وإتاحته للباحثين والمهتمين في شكل يليق باسم السديري كعَلم من أعلام الشعر والأدب الشعبي ويتناسب مع حجم الجهد العظيم الذي بذله في جمع هذه المرويات وتدوينها، وكل مُهتم بتراث هذا الوطن يبتهج بمثل هذا الكتاب ويتطلع لاستكمال هذه الجهود المشكورة من قِبل الأستاذ يزيد السديري وإخوانه بصدور المؤلفات التي بَشَرِ بها الأستاذ الحديثي في مقدمة كتاب (الحداوي)، الذي صدر قبل أكثر من ثلاثة أعوام وهي: الجزء الثاني من (ابطال من الصحراء) والثالث من (الحداوي) وما تبقى من المرويات وكذلك خروج ديوان محمد السديري في صورته النهائية المكتملة، وفي الوقت ذاته نتطلع أن يكون استقبال هذا الإصدار - وغيره من الإصدارات التي تتناول جوانب من تراثنا الشعبي - استقبالاً واعياً يتماثل مع وعي أولئك الذين اجتهدوا كل الاجتهاد لإخراج تلك الإصدارات بصورة جميلة، وأن يكون استقبالهم بعيداً عن مسألة الحساسية المُفرطة التي أعتقد أنها هي أبرز عائق يُسهم في تباطؤ حركة الإصدارات التي تتعلق بتراث وتاريخ الجزيرة العربية، وهي التي تُقيد حركة وحماس الباحثين ومن يمتلكون وثائق أو مخطوطات أو معلومات يُمثل خروجها للنور إضافة كبيرة لكل قارئ. سليمان الحديثي