نجح وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي في تعزيز موقعه خلال ازمة اعمال الشغب التي اندلعت في ضواحي المدن الفرنسية، اذ عبرت اغلبية من الفرنسيين عن دعمها للرجل الذي تحدث علنا عن طموحه لخلافة الرئيس جاك شيراك في 2007. وبينما اتهمه معارضوه اليساريون وحتى بعض شخصيات اليمين المعتدل بالشعبوية والتملق لناخبي اليمين المتطرف كان ساركوزي في الواجهة خلال الاضطرابات التي هزت ضواحي كبريات المدن الفرنسية. وكثف وزير الداخلية تصريحاته الصارمة مثيرا غضب شبان ضواحي المدن والعديد من الانتقادات الصحافية عندما وصف مرتكبي اعمال الشغب «بالاوغاد». وكان يبدو ان ساركوزي تأثر بالجدل الذي اندلع في بداية الازمة مع الوزير المنتدب لترقية الفرص عزوز بقاق المتحدر من اصل جزائري والذي ندد «بالعبارات العدائية» التي استخدمها وزير الداخلية. ووضع رئيس الوزراء دومينيك دو فيلبان الذي بات محميا للرئيس شيراك واكبر خصوم وزير الداخلية ورئيس الحزب الحاكم الاتحاد من اجل حركة شعبية في صفوف اليمين، نفسه في موقع الحكم. لكن بينما يستتب الهدوء بعد فرض حال الطوارئ، تشير استطلاعات الرأي إلى ان ساركوزي هو المستفيد الاكبر وان تمكن شيراك ودو فيلبان ايضا من تحسين شعبيتهما. واشار الاستطلاع الشهري الذي يجريه معهد ايبسوس ومجلة لوبوان ونشر الاربعاء إلى ارتفاع كبير في شعبية ساركوزي بنحو 11 نقطة في حين كسب رئيس الوزراء سبع نقاط ورئيس الجمهورية ست. وقد اعرب نحو سبعة من اصل كل عشرة فرنسيين (68٪) عن تأييدهم لتحرك ساركوزي منذ اندلاع اعمال الشغب. وفي المقابل اعربت اغلبية من الفرنسيين (54٪) عن استيائها من موقف شيراك كما افاد الاستطلاع الذي اجري في الثاني عشر من تشرين الثاني - نوفمبر قبل يومين من الخطاب الذي القاه رئيس الدولة امام شاشات التلفزيون. وعلق بيار جياكوميتي المدير العام لمعهد ايبسوس ان «اليمين واليمين المتطرف هما اكبر المستفيدين من هذه الازمة التي القت الاضواء على المشاكل المتعلقة بغياب الامن واستيعاب ابناء الهجرة» بينما بدأ اكبر القادة الاشتراكيين «غير منسجمين» مع تطلعات الرأي العام. وافاد استطلاع معهد ايبسوس ان سركوزي ودو فيلبان يحظيان بدعم نحو اربعين بالمئة من مناصري الحزب الاشتراكي علاوة على مساندة ناخبيهما اليمينيين التقليديين. وتبين ان الارتفاع الكبير في شعبية ساركوزي ناجم عن الثقة الكبيرة التي يحظى بها لدى ناخبي اليمين المتطرف - (90٪) من مناصري جان ماري لوبين - وهو اكبر من الذي يحظى به رئيس الوزراء (53٪) لدى نفس الناخبين. وهناك مؤشر آخر على شعبية نيكولا ساركوزي وهو «مخزونه الانتخابي الرئاسي» الذي ارتفع ليبلغ 61٪ (بزيادة عشر نقاط) ويشكل «رقما قياسيا منذ اختراع هذا المؤشر قبل سنتين» كما اكد مدير ايبسوس. وساركوزي متقدم بشكل كبير على دو فيلبان (53٪) وجاك شيراك (37٪). وفي مقابلة مطولة مع مجلة لكسبرس لهذا الاسبوع ندد ساركوزي الذي يدرك ان «استراتيجيته مفيدة»، «بالاوغاد الذين ينغصون حياة سكان» ضواحي المدن ويجعلونهم يعيشون «في خوف». ميدانياً اشارت الشرطة الفرنسية إلى «عودة إلى الوضع الطبيعي في كل انحاء فرنسا» ليل الاربعاء الخميس بعد موجة عنف شهدتها ضواحي باريس منذ 27 تشرين الاول - اكتوبر. واوضحت الادارة العامة للشرطة الوطنية انه تم احراق 98 سيارة ما يشكل المعدل المعتاد الذي يسجل ليليا في فرنسا. ولم يكشف عن اي مواجهة او احراق اي مبنى فيما لم يسجل سقوط اي جريح حسب الشرطة التي بقيت متأهبة مع نشر حوالي عشرة آلاف رجل على الأرض. وتم احراق آلاف السيارات بالاضافة إلى مدارس ومتاجر خلال اعمال العنف التي اندلعت في ضواحي باريس اثر مقتل شابين عرضا قبل ان تمتد إلى انحاء اخرى في فرنسا. وقد اصيب عشرات من رجال الشرطة والاطفاء والسكان وكذلك من مثيري الشغب بجروح خلال هذه الاضطرابات. ورغم عودة الهدوء إلى الضواحي فان فرنسا مددت الاربعاء حال الطوارئ لثلاثة اشهر التي اعلنت في الثامن من تشرين الثاني - نوفمبر بموجب قانون يعود إلى العام 1955 وحرب الجزائر.