يقول الشاعر مشعل العتيبي متفاعلاً مع موسم من مواسم انصراف القيظ وسمومه: هب ذعذاع الصفاري من شمال وانعش الخفاق في نسناس ليل ما بقى لسهيل كود اربع ليال واكثر العربان ما همه سهيل لا نشا من يمة القبله خيال كن لمع بروقها لمع الصقيل حس رعاده تلج به الجبال منذر بالخوف والخير الفضيل هل وبله وانتثر في كل جال سالت الوديان والشعبان سيل جاك علمه وانبسط راع الحلال والطيور الها تغاريد وهديل كن ريضانه تصوت لك تعال ريحها عقب المطر يبري العليل سهيل نجم ضمن علامات كثيرة هي النجوم، ويعد علامة تحدد موقعنا في هذا الفضاء، يبعد عنا 310 سنة ضوئية لا علاقة له بما يجري لا في المجموعة الشمسية ولا ما يجري على الأرض ولكن رؤيته تدلنا على أن القيظ وحره وسمومه قد انسلخ. هب ذعذاع الصفاري من شمال وانعش الخفّاق في نسناس ليل تبدأ فترة سهيل النجم المعروف من 24/8 ميلادية من كل عام ومدته 52 يوماً يليه الوسم كذلك 52 يوماً وتقسم نجومها إلى 13 يوما متساوية. ولأن نجم سهيل تصعب رؤيته أول ظهوره ولأن كثيرين يترقبونه فقد كثر من يدعي رؤيته وكأنه يزف البشرى قبل غيره لمن يستبشر بظهوره طمعا في انصراف الحر وسموم القيظ. ولا نستغرب تضارب الأقوال قبل ظهور سهيل حول رؤيته، لما يوجد من نجوم قبله وعلى الأفق مثل، المرزم، ومحلف، أو محنث، حيث يحلف بعضهم أنه رأى سهيل وقد يحنث في حلفه لأنه لم يكن هو سهيل بل نجم أعلى منه. اشتهر سهيل بالسطوع مع أنه أقل من إضاءة الشعرى اليمانية وقد يرى سهيل في مناطق جنوبية قبل المناطق الشمالية ويكون الفارق أياما، وهذا ليس له أهمية في المكان الذي أرخ له وحسب حسابه الشاعر راشد الخلاوي على سبيل المثال، وكل له من يهتم بموقعه، حيث لا تأثير لسهيل كنجم ولكن التأثير في الوقت نفسه بغض النظر عن النجم. يقول الشاعر: سهيل نجمه قد له أيام شفناه واقفى سموم القيظ وأقبل براده راعي الولع يفرح ليا حل طرياه تمضي لياليّه سرور وسعاده ومما غفل عنه بعضهم ممن اهتم بسهيل بشكل مبالغ فيه عدم الاهتمام بالسويبع (7) وهو السابع من نجوم بنات نعش المعروفة في جهة الشمال تحديدا، التي تحدد الشمال وسابعها يحدد ظهوره فترة الوسم، وهو ذو أهمية كبيرة عند الجميع لما فيه من إقبال لموسم الأمطار النافعة بإذن الله. وقل أن يختلف أجدادنا والمتقدمون في هذا ولكنهم فيما بعد زادت اختلافاتهم كثيرا، فاهتموا بمطالع ليست لهم، وبمواقع غيرهم وانشغلوا بمراقبة مناطق وبلدان بعيدة عن مواطنهم وطبقوا المعلومات الخاصة بموقعهم على العامة التي لا تمت بصلة لمكانهم وظروفه. وكل ذلك لا ينفرد به وقت ظهور نجم سهيل والمعلومات عنه ولكن انسحب على كثير من المواسم وعدوا المواقع خاضعة لمؤثرات متقاربة وهي غير ذلك فالظروف المؤثرة كثيرة وأولها الموقع وتضاريسه ومناخه وعوامل لا حصر لها. يلاحظ في الرسم الفاصل بين المرزم وسهيل وتستغرق 25 يوما ونأتي إلى ما يدعو إلى الملاحظة وهي كثرة التساؤل والإجابات والملاحظة على نجم سهيل وظهوره. لقد أصبحت فترة ظهور نجم سهيل الشغل الشاغل لبعض من يتكلم عن معلومة منتظرة، لكن تلك المعلومة اقتصرت على شيء واحد في وقتنا الحاضر وهي أنه برؤية نجم سهيل وصلك البرد أغلق النوافذ قرب اللحاف وأغلق المكيفات واستقبل البراد. وبسبب هذا المفهوم والظن بأن هذا ما سيكون بمجرد رؤية النجم تكرر في مثل هذا الوقت من كل سنة السؤال: متى يطلع سهيل، وصاحب ذلك ترقب كثيرين لرؤيته من وقت الفجر وقبل شروق الشمس، وقد لا يكون هؤلاء من أهل الزراعة والفلاحة ولا من أهل الرعي ولا من هواة الصيد والمقناص ولا أهل اختصاص وحساب، وكأن طلوع سهيل يعني حلول تغير مفاجئ، بل وكأن نجم سهيل له تميزه في الضوء أو الصورة في رؤية العين، مع أنه أقل إضاءة في رؤية العين من الشعرى اليمانية، ومماثل لكثير من النجوم. بل وربما تميزت كواكب في ضوئها وفاقته في نورها وإضاءتها، كالزهرة ونجوم كالنسرين وغيرها. إذاً ما الدافع لكل هذا الاهتمام الذي نشهده ونستجيب له ونحبذه أيضا كمعلومة فلكية لابد أن أجدادنا كانوا قد اهتموا بها ؟ فترة البراد واعتدال الجو، وهذا صحيح إلى حد ما، فطلوع سهيل يعني بداية العد التنازلي الذي يوصلنا إلى براد واعتدال الأجواء خصوصاً في الليالي، وهي في نظر بعضهم أهم من وقت النهار، لأن معظم الناس يحتاجون إلى اعتدال ساعات الليل لأسباب كثيرة منها لكون الغالبية إن لم يكن كلهم فيما سبق ينامون في السطوح وليس في غرف كما اليوم، ومنها أيضا استمتاع البعض بساعات السمر سواء في مناسبات كالأفراح أو في تجمعات بعضهم للمساجلات الشعرية أو تبادل العلوم والسوالف، ومن هذا المنطلق الذي له شعبيته وجماهيريته أيضا اهتم شعراء كثر فذكروا وقت سهيل مصحوبا بأمنيات البراد معللين ذلك باشتياقهم إما للبر أو الصيد أو انتظار مواسم ما بعد الصيف والخريف، وهي مواسم في نظرهم يتحقق معها الانطلاق بدل الانكماش الذي يفرضه القيظ وسمومه والحر، حتى أن البادية الذي يقتربون من التجمعات السكانية والموارد يبدأون في الانتشار وترقب الرحيل في تنقل يتكرر كل عام. وفي اعتدال الجو وانصراف الصيف: بيّن براد سهيل عقب السمومي والصيف راحت مدته ما بقى لون ياما حلا تشريفة بالحزومي والقلب مستانس ولا فيه شاطون ويقول الشاعر عبد الرحمن العتيبي القيظ قفى يالعطاوي على خير وجانا البراد ومطلع سهيل بادي وحان الخريف وزان وقت المسايير وطاب القنيص اليوم بارض الحمادي إذا كثيرون يرون سهيل رؤية فرح ورؤية اشتياق لكن بعضهم لا يريد رؤيته لأنه يعلن حالة فراق حيث ينتشر الجميع بعد تجمعهم، ومثل هذا التجمع يعد عند بعضهم أمل يتمنون استمراره فيقول الشاعر مرشد البذال رحمه الله: اشره على اللي لامني يوم أغني ومن قال لي لا ترفع الصوت بالحيل أنا غدت لي شوفة (سهيل) جني شوف (التويبع) يابعد شوفة سهيل والتويبع عكس سهيل حيث تنقطع فترة هطول الأمطار بإذن الله. فكأنه إذا رأى نجم سهيل يرى جنيا، من الوحشة، فهو يخيفه ويروعه ويتمنى رؤية التويبع الذي لا سيل فيه، كل ذلك خوفا من الفراق واشتياقا للاجتماع. ومعروف أن أهل البادية يتفرقون في وقت البراد عكس وقت القيظ. ولكن أهل القنص يريدون البراد ويضايقهم القيظ بسمومه والحر وحبسه لهم عن هواياتهم. أما تحديد موقع نجم سهيل فمفروغ منه عند الجميع فيما مضى، حيث هو نجم جنوبي ويعرفه الكبير والصغير، الزارع والراعي والمسافر والمقيم والشاعر والمتلقي، وكأنها ثقافة اجتماعية بدهية فيما مضى، لهذا تعتمد هذه المعلومة في الوصف. يقول الشاعر راكان بن حثلين: الجدي خله فوق ورك المطية وافرق نحرها عن سهيل اليماني وهو هنا يقصد الوجهة الجنوبية الشرقية للسفر والحالة تلك. وكذلك في شعر حميدان الشويعر يقول: حط الجدي بين الضلفتين وخلفك سهيل اليماني من وراك لموع وهنا يقصد الوجهة الشمالية للسفر. ويلاحظ في الرسم المرفق الفاصل بين المرزم وسهيل من حيث المسافة ليتضح أنها تستغرق 25 يوما، حيث يظهر المرزم ثم بعد هذه المدة يظهر نجم سهيل، يقول راشد الخلاوي بعد ظهور المرزم: والى مضى خمس وعشرين ليلة يطلع لك المرزم كقلب الذيب والى مضى خمس وعشرين ليلة يطلع سهيل مكذب الحسيب