لأهمية نجم سهيل عند سكان الجزيرة العربية يسمونه البشير، يستبشرون بطلوعه ورؤيته، التي تتم في الصباح مع الفجر. ووقت طلوع الفجر هو الموعد الذي تحتسب منه مواعيد بداية دخول أنواء النجوم كلها، فما حصلت رؤيته مع الفجر فقد بدأ موسمه، لأنه من تلك اللحظة يبدأ النجم يرتفع في الأفق يوما بعد يوم، حتى يغيب مع غياب الشمس فيختفي في فترة أخرى عن السكان. ويخلط الناس بين المفاهيم التالية: ( خروج ) و(طلوع ) و( ظهور ) و( دخول) حتى أنه لا يعرف المقصود هل هو بداية الموسم أو نهايته. فإذا قيل طلع سهيل أو ظهر سهيل أو دخل سهيل، كان الفهم حولها غير واضح، فلا يدرى هل بدأ أو انتهى والنجوم مصنفة إلى شمالية ( شامية ) وجنوبية ( يمانية ) بمعنى أوضح نجوم قبة السماء الشمالية وهي التي نراها فوق رؤسنا وشمالنا، ونجوم قبة السماء الجنوبية التي لا نراها بل يراها سكان جنوب الكرة الأرضية.. وسهيل من ضمن القبة الجنوبية ويعتقد أن نجم سهيل يرى يوم 11 من أغسطس ويتضح يوم 17 من الشهر نفسه، ولكنها رؤية لا يعتمدها المزارعون أو لا يريدون الاعتراف بها إلا في يوم 24 أغسطس من كل عام، ذلك لأنه فيما قبل ذلك يرى في فترة قربه من الشمس وفي أفق منخفض فلا يتم التأكد منه، فمن المعلوم أن نجم سهيل يأخذ قوسا أصغر ناحية الجنوب لبعده عنا ولجب الأرض له ومدة ظهوره قليلة قياسا بنجوم فوق رؤسنا، مما يجعلهم يتفقون على الموعد الأخير رغم تبين دلالاته الواضحة عندهم وأهمها التغيرات المناخية والطقس والسحب التي تتلبد بها السماء، والتي لا ينزل منها مطراً لحرارة الأجواء، ومن النادر أن ينزل مطرا في تلك الفترة، لكن ذلك لا يستبعد، فقد تنزل أمطار غزيرة فجائية أثناء نضوج التمور وهو ما يتخوف منه أصحاب النخيل حيث يفسد ثمارهم التي في النخيل أو التي تم جذاذ بعضها ونشرت في الشمس لتجف بالنسبة للنخيل التي لها صفة البكور في النضج . إذا طلع سهيل طاب الليل، وأمتنع القَيْل، ولأم الفصيل الويل، ورفع الكيل ولسهيل من الأنواء و الفترات المناخية أربع هي ( الطرفة ، الجبهة ، الزبرة ، الصرفة ) كل فترة منها 13 يوماً كما هي الحال في المنازل الأخرى للنجوم . يقول الشاعر راشد الخلاوي ويظهر لك النجم اليماني و(طرفه) يتقلب كدرة خاتم بيد مايق ينشر قماش الصوف والجوخ لايقع به الدود في مثنى مطاويه خارق ومحسوبة أربع نجوم بنجمه مع( الجبهه) (الزبره) لها (الصرف) لاحق وعدد أيام سهيل 53 يوماً وقيل 51 يوم تبدأ من يوم 24 أغسطس وتنتهي بيوم 15 أكتوبر بحيث يبدأ الوسم في 16أكتوبر . يقول الشاعر راشد الخلاوي : واحسب ثمان مع ثمان مع أربع وإلى سهيل من جنوب يحايد يشبه لقلب الذيب يسناك نوره يشرف على غرات هدب الجرايد وإلى مضى واحد وخمسين ليله لا تامن الماء من حقوق الرعايد وهو دخول الوسم في 16 أكتوبر من كل عام حيث نفع المطر وإمكانية وجود الكمأة ( الفقع ).. ولعل اختلاف عروض الأماكن شمالا وجنوباً أوجدت اختلافات كبيرة بين معلومات الذين يهتمون برصد طلوع الأنواء والنجوم ويحسبون وقتها، ذلك لأن القبة السماوية الشمالية أو الجنوبية تختلف مطالع نجومها بحسب موقع الراصد من الكرة الأرضية ، فبحسب موقعه يرى طلوع نجم قبل غيره أو يغيب عنه النجم أيضا قبل غيره أو بعده ، ومن هنا تباينت معلومات أهل كل إقليم عن غيرهم من الأقاليم كذلك ما تضمنته أشعار المهتمين بالنجوم أو معلوماتهم المدونة، فهم يرصدون نجومهم التي يرونها ومواسمهم التي يتعاملون وفق ظروفها. فنحن نقرأ في شعر راشد الخلاوي مثلا رصدا يحدد المعلومة لكن بالنسبة للعروض التي عاش فيها الشاعر و من المؤكد أنها وسط منطقة نجد من الجزيرة العربية، ويتوسطها مدار السرطان 23.5 درجة شمالاً ولكن معلوماته لا تنطبق على جنوب العراق والشام ولا على اليمن وجنوب المملكة ، بل يوجد فارق كبير من حيث بداية ونهاية كل نجم ، سواء سهيل أو غيره ، فيكون متقدماً على بلاد الشام والعراق بأيام، أو متأخراً عن حساب أهل اليمن وعمان مثلا بأيام لا تقل عن أسبوع ولكنها لا تزيد عن ذلك كثيرا، ومثل ذلك أن المسافر المتجه إلى مدينة ما، يرى معالم المدينة التي يتجه إليها قبل من خلفه بحسب المسافة التي تفصل بينهما. وهكذا بالنسبة للنجوم اليمانية فالأقاليم التي تقع في شمال الكرة الأرضية وبعيدة عن خط الاستواء تكون متأخرة في الرؤية عن الأقاليم التي جنوبها من حيث المطالع فكروية الأرض تخفي عنا القبة السماوية الجنوبية بحيث لا نعرفها أصلا إلا ما بان منها على الأفق، وتعاملنا كله مع القبة السماوية الشمالية فقط . أما نجمي ( الوزن و الحضار ) فالراصدون ينظرون إلى أحدهما فيحلفون أنهم رأوا نجم سهيل ولهذا سمي النجم محلف ، بسبب حلفهم وهو نجم يكون طلوعه قبل سهيل بحوالي أسبوع. فالتطلع والمراقبة والتحري لنجم سهيل يدل على أن الفلاحين والرعاة وجل سكان الجزيرة العربية إما زارع أو راعي، كانوا على موعد مع سهيل يتحرون رؤيته لما لموسمه من أهمية في حياتهم ، فوقته وقت انخفاض الحرارة وزيادة المياه في الآبار، وكثرة التمور وعموم الخير وترقب المطر وانحسار فترة الحر وكذلك توقف فترة العواصف وهبايب المرزم، التي يتعب منها السكان ، حيث يقولون فيها: هبايب المرزم تيبس غزير الجم. ويستبشرون بظهوره وقد سموه بالبشير فكأنه يبشرهم بموسم قادم وانحسار صعوبات الصيف وحره. ولسهيل فترة غربة وغياب طويلة لا يكون باديا في الليل تصل إلى حوالي ثلث العام مختفياً في الجنوب ( 106 ) أيام فلا نستغرب إذا تحريهم لطلوع نجم سهيل بشغف فهو علامة ودلالة على موسم مختلف يأتي بعده الوسمي وهو مكمل لسعادتهم أيضا. وقد قالوا كثيرا من العبارات التي تتوافق مع موسم سهيل ومنها: ذا طلع سهيل لا تامن السيل إذا طلع سهيل تلمس التمر في الليل إذا طلع سهيل برد الليل إذا طلع سهيل خيف السيل إذا طلع سهيل طاب الليل، وأمتنع القَيْل، ولأم الفصيل الويل، ورفع الكيل وهذه الأقوال تؤكد اهتمام السكان بهذا النجم وكونه يشكل ورقة تقويم عندها يتحرك الجميع لبرنامج مختلف. فالأجواء مناسبة للزراعة، و استقبال هجرة الطيور وتمكن الجميع من التنقل والترحال وكذلك يشكل موسما عند أهل البحر وصيد الأسماك وجمع اللؤلؤ..الخ هذا هو إذا نجم سهيل الذي شكل من بين كل النجوم السماوية الجنوبية(اليمانية) علامة لأهل شمال الأرض يرصدون من خلالها موسماً ويهتمون من ظهوره، رغم بعده الكبير حيث يزيد على 300 سنة ضوئية