فجر العيد.. ذلك اليوم الغارق في الفرح والمودة حد الانتشاء.. فجر العيد ذلك الفجر الحالم المليء بالبهجة والقبول والسعادة والضحك والسرور... فجر العيد.. ذلك الفجر الذي أشاهد أفواج المسلمين فيه ذاهبة لصلاة العيد مزهوة بلباسها السندسي الجديد نساء.. رجالاً.. وأطفالاً وهتافات تكبيرهم تملأ المكان روحانية وفرحاً وفخراً أيضاً.. ليمتلئ صدري حينها وتمتلئ جوانحي غبطة وكبرياء عندما أشاهد عظمة الإسلام وكثرة المسلمين... كلنا وبصوت واحد يزلزل كل الأركان ويهز كل كيان.. الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيراً والحمدلله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلا.. وقتها فقط ووسط دوي تكبيرات المسلمين في الشوارع والأزقة.. يعلن بدء فجر العيد.. ليعم الفرح أرجاء كل المدينة. بدء المشكلة مشكلتنا أيها الاخوة التي لا زلنا نعاني منها في كل عيد تقريباً.. اننا لا نعرف كيف نسوق الفرح والسعادة والاحساس بالعيد بيننا في ذلك اليوم أو في كل أيام العيد الثلاثة الأولى.. يقتصر فرحنا ومعايدتنا على الأقارب ومن هم يقعون تحت بند صلة الرحم فقط.. بينما باقي فئات المجتمع مهمشة وبلا أي دور يذكر لا في العيد صراحة ولا في رمضان حتى ولا في باقي أيام السنة كلها أيضا.. وأنا أعلم ان أغلبنا إن لم يكن جميعنا يقوم بمعايدة أقاربه وأرحامه وأهله وأصدقائه عموماً أيام العيد كل حسب استطاعته وحسب قربه وبعده.. والاتصالات الحمدلله قربت المسافة للجميع واختصرت لنا لحظة الحدث وفرحه.. إنما أنا أقصد في مقالي هذا الفئات التي لا نقوم بمعايدتها والتي لا نشاركها عيدنا وفرحنا.. مثل الجيران وهم أهم نقطة في الموضوع وكذلك سكان الحي عموماً.. كنا سابقا أكثر ترابطا وأكثر مودة وأكثر رحمة وأكثر صلة ببعضنا البعض حتى على مستوى الجيران أو الأحياء.. إنما عندما عاصرنا العولمة والتطور التكنولوجي والزيادة السكانية والعمرانية والتي فيها نوع من الخصوص المبالغ فيه.. حتى تاهت بنا دوامة العولمة والمدنية ومشاغل الحياة والتي أجزم انها عزلتنا اجتماعيا عن بعضنا البعض وحيدتنا كثيراً وكثيراً جداً.. حتى أصبح الشخص فينا لا يعرف من هو جاره ولا اسمه ولا عمله ولا هو ميت أم حي في حال غيابه..!!؟؟؟ والحقيقة ان في ذلك البعد والقصور الاجتماعي قصص كثيرة وعجيبة جدا وليس المجال هنا لذكرها فكلكم قد سمعتم عنها أو عاشرتم أحداثها..!! إنما أنا هنا أردت أن أطرح الحلول والاقتراحات للتغلب على تلك الظاهرة.. ودعوني أشرح لكم ذلك في نقاط وبسرعة: ٭ تفعيل دور المساجد أيام العيد وذلك بعمل فطور جماعي خفيف بعد صلاة العيد في باحة المسجد الخارجية لجميع سكان الحي وممكن عمل خيمة كبيرة من أجل ذلك.. ٭ تفعيل دور الإمام وعمدة الحي والمؤذن وذلك بالقيام بتعريف الجيران والسكان في الحي بعضهم ببعض وذلك بتقديم هدايا معايدة بسيطة للحضور وكل شخص يقوم بالمعايدة يعرف نفسه للآخرين. ٭ تفعيل دور العمدة وذلك بالاعلان عن معايدة مفتوحة على فترتين صباحية ومسائية مثلا لجميع سكان الحي في أحد المواقع التي يحددها عمدة الحي مثل بيت العمدة أو استئجار استراحة لمدة ثلاثة أيام أو عمل خيمة كبيرة أيضا في الحي.. يكون عليها لوحة كبيرة تحدد الأوقات ونوع المناسبة واسم عمدة الحي وامام المسجد. وتكون المعايدة لجميع سكان الحي فيها صباحا ومساء في أوقات محددة ومتفق عليها مسبقاً للجميع.. يقدم خلالها القهوة والشاي وأنواع الحلويات بمناسبة العيد ويكون ذلك بتواجد العمدة والإمام والمؤذن مثلا ووجهاء الحي.. ويكون تكاليفها على جماعة الحي أو ان كل شخص يحضر من بيته قهوة وشايا وحلويات للمعايدة ويستردها في نهاية كل يوم. ٭ بالامكان عمل خيمة أخرى أو مكان آخر للنساء لمن رغبن في معايدة نساء الحي والجيران.. تقوم على نفس فكرة خيمة الرجال. ٭ أحب أن أنوّه أيضاً بفكرة المعايدة النسائية أيام العيد فهي فرصة مهمة جداً للتقارب بين السكان في الحي من العائلات وكذلك ليتعرف بعضهن ببعض وأيضا هي فرصة لتسويق فتيات الحي الراغبات أو المقبلات على الزواج بين النساء الأخريات في الحي بطريقة مهذبة ومحتشمة وجميلة.. وفي ذلك زيادة في فرصة خطبتهن وزواجهن.. وكلنا يعلم أن كثيراً من العائلات لا تحبذ زواج الأقارب. أخيراً.. يجب أن نتخلص من مبدأ خاطئ وهو يتنافى مع سمو مناسبة العيد وطبيعة وسماحة الإسلام وهو اننا لا نقوم إلا بمعايدة من يقوم بمعايدتنا أولاً...!! وفي ذلك خطأ كبير جداً.. حيث اننا بهذه الطريقة سوف نظل في بيوتنا جميعاً ننتظر أن يقوم الآخرون بما يجب علينا القيام به أصلاً.. وبمعايدتنا أولاً حتى يتحتم علينا بالتالي معايدتهم.. ولو كلنا فعلنا ذلك لبقينا جميعاً في بيوتنا ننتظر وهذا التصرف مضحك ومحزن في نفس الوقت.. ألا تحب أخي القارئ أن تكتسب الأجر قبل غيرك وتكون أنت المبتدئ. والسابق للخير، لتثبت للبقية سمو أخلاقك وتواضعك لغيرك..!! أرجو أن تكون أفكاري وصلت للجميع بكل وضوح وهدوء.. لجعل العيد أكثر مناسبة وأكثر حفاوة وأكثر جمالاً. وعيدكم مبارك وعساكم من عواده..