كثيرة هي المناسبات التي يبتدع فيها السعوديون فنونا متنوعة في التبذير والاستهلاك المفرط الذي يصل إلى حد البذخ عند البعض، ويتجاوز ثقافة الكرم العربي الذي لا يعني عدم الالتزام بقيود الترشيد المنطقي في ظل تعدد التزامات مصروفات وقتنا الراهن. وكل ذلك يجعلنا نسأل، ألسنا بحاجة ماسة إلى جهة سواء هيئة أو مجلس أو جمعية يرتبط بقطاع حكومي معتبر، وتكون مهمتها الأولى والأخيرة ضبط المصروفات الأسرية وتنظيم دورات وورش عمل وحملات موسمية تدعو للاقتصاد في الصرف والترشيد، وخاصة مع المناسبات، والتركيز على العنصر النسائي الذي له يد طولى في تنوع ضروب الصرف والإنفاق. فمثلا مع نهاية شهر شعبان تشهد المنازل السعودية ذروة الاستهلاك الغذائي وشراء عشرات الأصناف الغذائية وتخزين المواد المنزلية المتنوعة بعشوائية واضحة، وتشاهد أمام مراكز التسوق العربات المملوءة بأصناف غذائية لاتعد ولاتحصى، وقد يتوقع من لايعرف واقعنا أن هذه البلاد مقبلة على مجاعة، ولذا يكنز البعض هذه المواد خوفا على حياتهم. وفي الأيام العشرة الأخيرة من رمضان تتوجه بوصلة وموجة الشراء نحو الكماليات من ملابس وأحذية وأدوات زينة وغيرها مما يرتبط بمناسبة عيد الفطر، بحيث لن تجد لسيارتك موقفا أمام المراكز التجارية، وكذلك ستجد حتى صعوبة في المشي من كثافة الحركة، وبالتالي تتوقع أن المنازل قبل هذا اليوم خاوية من الملابس والأحذية والكماليات المتنوعة. وفي الإجازات القصيرة والطويلة يتجه الكثير نحو السفر الخارجي، وبدون وعي لدراسة الخيارات الاقتصادية الأفضل والأقل سعرا، أو حتى التخطيط مبكرا للحصول على السعر الأفضل للسفر الخارجي، ولا ننسى مناسبات الزواج وحفلات عدة يصعب حصر مسمياتها، تشهد بذخا يثقل عاهل رب كل أسرة ومعيلها. هذا التبذير وفي ظل عدم وجود جهة تعنى بممارسة ونشر التوعية المدروسة على أسس علمية يجعل طبقات كثيرة من المجتمع مرتبطة بشكل دائم بديون البنوك وغيرها من الجهات الممولة، كما يجعل فئة من المجمتع تصرف على الاستهلاك والكماليات والسفر، مما يؤثر على ميزانيات الأسرة التي يفترض أن توجه لاحتياجات أهم مثل السكن والتعليم، وتنسف في الوقت نفسه ثقافة الادخار للمستقبل والظروف الطارئة التي لا يسلم منها أحد.