كانت المستشارة المالية البريطانية كارين سميث واحدة من أكثر المستشارات الضليعات ببنك هاليفاكس وتتقاضى راتبا سنويا يصل إلى 95 ألف جنيه بالإضافة إلى الحوافز. غير أن المستقبل المهني لخريجة الاقتصاد هذه هوى إلى الحضيض عندما تم تعيين امرأة تكبرها بعشرة أعوام كمديرة لها بالبنك. وذهبت سميث ضحية لغيرة رئيس من بنات جنسها. فقد أخذت المديرة الجديدة تنتقد تعامل سميث مع العملاء وجمعت عدة شكاوى نيابة عنهم، وخضعت المستشارة لمجلس تأديب الأمر الذي عرضها إلى الإصابة بالاكتئاب وأخيرا تقدمت باستقالتها. الرئيسات الإناث أكثر ميلاً إلى مساعدة الذكور وعرقلة تقدم مرؤوساتهن وعلقت سميث التي التحقت بالبنك في سن 21 عاما قائلة:» الدافع لتصرفات المديرة هو الغيرة. لقد عملت تحت ثمانية من المديرين السابقين بالبنك قبل هذه المديرة بلا أدنى متاعب. وهذا يفسر كل شيء.» وتشير قصة سميث إلى ما يسمى بمتلازمة ملكة النحل. وتبدد لسعة هذه الملكة وهماً أنثويا كبيرا. ومنذ سنوات ظلت جماعة النساء تتوق لان تشغل المزيد من النساء مناصب إدارية عليا وان يكون للعاملات رئيسات من بنات جنسهن اعتقادا منهن أن بيئة العمل ستكون أكثر دفئا واهتماما ومشاركة. الليدي تاتشر صعدت إلى القمة لأنها كانت أكثر صرامة من الرجال حولها وربما اعتقدت النساء اللواتي يعملن في بيئات يسيطر عليها الرجال أن هناك شيئا سيعمل لصالحهن ولاشك وهو وجود رئيس أنثى. غير أن دراسة جامعية تؤكد الآن على أن العكس هو صحيح تماما وان وجود الرئيسة يقوض فرصهن في الترقي وصعود السلم الوظيفي وان الرئيسات يعملن على مساعدة من هم تحتهن من الذكور أكثر من مد يد العون لبنات جنسهن. ثاتشر ارتقت السلم بإرادتها الحديدية وتضيف نتائج الدراسة التي نشرت في دورية» أبحاث العلوم الاجتماعية «البريطانية المزيد من الأدلة السابقة على أن ما يسمى ب» متلازمة ملكة النحل» يمكن أن تكون عقبة كبرى أمام النساء في تسلق السلم الإداري. فبدلا من تشجيع النساء الطموحات، وجد علماء النفس بجامعة سينسناتي أن الرئيسات الإناث أكثر ميلا إلى عرقلة تقدم مرؤوساتهن. وفي عالم البشر، تماما كما في عالم الحشرات، فليس هناك مجال إلا لملكة نحل واحدة فقط وان هذه الملكة ستبذل ما في وسعها لان يبقى الأمر على هذا النحو. فبدلا من مد يد العون لمساعدة الأخريات على تسلق السلم الوظيفي فإنها ستعمل على الضغط بكعب حذائها الأشبه بالخنجر على أصابع المرأة التي تعمل على تسلق السلم الوظيفي من خلفها. وبالإضافة إلى المنافسة غير المرغوبة، يعتقد العلماء أن هذا الميل يعود جزئيا إلى حقيقة أن النساء اللائي يشغلن مناصب عليا يرغبن في أن يصبحن أكثر تماثلا مع نظرائهن من الرجال. ولذلك فإنهن يملن إلى التعويض عن شعورهن بالنقص من خلال تقديم العون إلى العاملين الذكور أكثر من العاملات الإناث. كارين سميث فقدت وظيفتها بسبب الغيرة وتدعم الدراسة الأخيرة، التي ارتكزت على استجابات لأكثر من 2000 من الموظفات الأميركيات بحثا سابقا أوضح أن متلازمة ملكة النحل يمكن أن تسبب متاعب صحية ذات صلة بالعمل. ففي عام 2008 أشار باحثون ألمان إلى أن النساء اللواتي يعملن تحت إمرة رئيس أنثى أكثر إصابة بأمراض جسمانية ونفسية مثل حرقة الفؤاد والاكتئاب والأرق والصداع بالمقارنة مع اللواتي يرأسهن رجل. كما أوضحت دراسة بريطانية في العام الماضي أن ثلثي النساء العاملات يفضلن العمل تحت رئيس ذكر لأنهم يتحدثون بصراحة ولا يغتابون العاملين تحت إمرتهم، علاوة على أنهم غير معرضين للتقلبات المزاجية. ويقول الباحث الدكتور ديفيد موم،»تشير الصحف الشعبية والعديد من الدراسات إلى أن النساء يكن أفضل مديرات بالمقارنة مع الرجال لأنهن قائدات داعمات ويخولن المزيد من سلطاتهن ويسبغن رعايتهن على المستقبل المهني لمرؤوسيهن، لا سيما من بنات جنسهن. أما في هذه الدراسة فان الرجال تفوقوا على النساء في الحصول على التأييد من قبل الإناث ومن ثم كن أكثر تفاؤلا في الحصول على فرص للترقي في السلم الوظيفي.» وتنسجم هذه النتائج مع فكرة أن المديرات الإناث لا تأثير لديهن على الفرص الوظيفية لمرؤوساتهن بقدر ما يؤثرن على الفرص الوظيفية للرجال. وإذا كان تعاطفهن غير متوفر فان دعمهن سيكون مفقودا بالضرورة. وحذر الدكتور موم قائلا،»من تتوقع أن تغير الرئيسات الإناث من طبيعة العلاقة بين الرئيس والمرؤوس فسوف تصاب بخيبة أمل شديدة.» ويقول البروفيسور غاري كوبر، عالم النفس بجامعة لانكستر إن نتائج الدراسة ربما تشير إلى أن النساء يحاولن إبعاد تهمة محاباة بنات جنسهن عنهن، ويضيف،» هذا هو النمط التقليدي لمتلازمة ملكة النحل. فالنساء اللواتي يحصلن على مناصب إدارية في منظمات يهيمن عليها الرجال يملن إلى أن يصبحن أكثر تشبها بالرجال، إذا لم يكن أكثر تشددا. واليك الليدي تاتشر التي اعتبرت أكثر صرامة من الرجال حولها. ولهذا السبب وحده صعدت إلى القمة.»وكانت أفضل دور سينمائي لملكة النحل الرئيسة هو ذلك الذي جسدته النجمة ميريل ستريب في فيلم « الشيطان يتلبس برادا.» ملكة النحل لا ترضى بوجود منافس لها من بنات جنسها