في منتصف السبعينات وفق ما تقول الرواية كان مجموعة من الرجال قد خرجوا من الاسياح ومن المواقع المجاورة في الثويرات لمساعدة صديق لهم في إنشاء بئر في الصحراء حيث كانت اغلب الأعمال الحرفية تتم بتكاتف من الأقارب والجيران وبعد ان حددوا المكان المناسب للحفر وزع فريق العمل الى ثلاثة أقسام الأول يقوم بتجميع جذوع الأشجار الضخمة من شجر الارطى المجاور والذي ينمو هناك بكثرة لاستخدامه في طي البئر والثاني وقوامه تسعة من الرجال منهم اثنان من الأشقاء تسلم مهمة الحفر وتعبئة التراب في عمق البئر اما الثالث فكان يقوم باستخراج التراب الناتج من الحفر في احدى مراحل الحفر وبعد ان قطعوا ما يقارب الخمسة عشر مترا حيث كانوا يستهدفون نحو 40 مترا للوصول الى الماء وبينما كان صديقهم يقوم بإعداد طعام الغداء ويستحثهم على الخروج خرج الشخص التاسع من عمق البئر لمعالجة عينه من أثر التراب الذي سقط داخلها وما ان وضع قدمه على سطح الأرض في الأعلى حتى تكفكفت البئر على من فيها ومن كل جوانبها في ظرف ثانية على الأشخاص الثمانية ومنهم الشقيقان . هرع الناجون طلبا للنجدة وامتطى احدهم ظهر جمل (حر) كان معه انطلق به الى احدى قرى الاسياح على بعد 32 كيلو مترا عند ما صادف الجماعة في المسجد والذين صاح بهم مستنجدا فهرعوا الى المكان فوق الدواب وعلى الأقدام حيث وصلوا ليلا وبدأوا إزاحة التراب وعملية الحفر عن المدفونين ثم استمر الحفر ليلا في محاولة يائسة للبحث عن ناجين الا أنهم ومع بزوغ الشمس لليوم التالي حدث منعطف آخر في عملية الإنقاذ كاد ان يلحق بهم الى سابقيهم حيث انهار الحفر مرة اخرى وكاد ان يقبر المنقذين.. رأوا معه ان يتوقفوا عن الحفر مكتفين بأداء صلاة الميت عليهم ومن ثم مغادرة المكان ورغم مضي كل هذه السنوات الا ان تداعيات الكارثة لا تزال حاضرة حتى يومنا هذا في الذاكرة وسرد الروايات وبقي بعض ذوي المفقودين متعلقا بالأمل المستحيل منهم بعض الأمهات اللاتي توفين في السنوات الاخيرة وهن ينتظرن عودة أبنائهن المفقودين حتى ان احداهن ظلت سنواتها الطوال وهي كما تقول يخفق فؤادها كلما طرق باب منزلها ربما لأن أحدا لم يؤكد لهن رؤيته للجثث كما لاتزال آثار الانهيار باقية لم تطمرها الرمال الزاحفة ولا العوامل الجوية القاسية في الصحراء. كذلك الموقع الذي حدثت به الكارثة أطلق عليه لاحقا (مكيدة) ربما لأنها كادت بهؤلاء الرجال وبدأت تحوم حوله روايات خرافية منها سماع صيحات استغاثة تنبعث من نفس المكان في ساعات الليل الاخيرة توقظ النيام في حالة من الفزع وآخرون يقولون ان الجمال والمواشي تصاب بالجفال أي الفزع عند اقترابها من المكان ليلا وهنا بدأ أبناء البادية والرعاة وكذلك المسافرون من أصحاب الرحلات وهواة القنص بدأوا تحاشي المبيت قرب المكان او النزول جواره لكن بعض ذوي المنكوبين الذين يشاهدون المكان وقد أصبح مداسا للحيوانات والمواشي بعثوا باستفتاء الى علمائنا الأجلاء عن مشروعية وضع ما يدل على انه مقابر موتى على اعتبار ان للمسلم حرمة مثل حرمته حيا وهي الميزة التي يحفظها الإسلام للمسلمين وطالبوا بعد البت في أمرها بأن يتم تسوير المكان مثل كل المقابر هذه المطالب تفتح المجال للمطالبة بتسوير العديد من المقابر الصغيرة الأخرى المتروكة في الصحاري خصوصا قرب هذا المكان.