يتندر الكثير من الناس على أخطاء الأطباء في العمليات الجراحية.. لعل أكثرها نسيان شيء ما في بطن المريض.. كقطعة شاش أو مقص ونحو ذلك.. وثمة تضخيم لما قد يُنسى.. فقطعة الشاش الصغيرة تتحول إلى منشفة كبيرة والمقص الصغير(موسكيتو سيزر) إلى محش.. واحتمال نسيان شيء ما في بطن المريض عند نهاية العملية (في نظري) يكاد يكون صفراً.. والسبب ستستنتجونه عندما أنقل لكم صورة لما يجري أثناء إجراء أي عملية جراحية.. ففي غرفة العمليات يكون في مكان غير بعيد من مكان العملية والمريض المخدر.. يكون هناك لوحة كالسبورة وبالقرب منها ممرضة تحمل طبشورة في يدها وفي اليد الأخرى ممسحة.. تقوم وبلا تتوقف طوال وقت العملية بالكتابة والمسح على السبورة.. لأنه موكل إليها كمية ما يستعمل من شاش وقطن ومواد أخرى لزوم الجراحة.. وأثناء العملية تقوم بعَدّ وتسجيل كمية الشاش والقطن.. وكتابته على السبورة ومسح ما يُرمى منه في سلة المهملات أولاً بأول.. ولا يتم الانتقال للمرحلة الأخيرة من العملية (خياطة الجلد) إلا بعد أن تعطي إشارة (قوأهيد) للجراح بأن كل شيء على مايرام.. أي إن عدد الشاش والمواد الأخرى لم ينقص منها شيء.. ولا أنسى في إحدى المرات.. كنت مساعداً في إحدى العمليات.. وقبل نهاية العملية بقليل أخذت تلك الممرضة في البحث عن قطعة شاش نقصت مما لديها من كمية شاش مسجلة على السبورة.. والجراح ينظر إليها وعرقه يتصبب منتظرا إعطاءه الاشاره المتعارف عليها من تلك الممرضة كي يقوم بخياطة جلد بطن المريض المفتوح وإنهاء العملية.. ولماذا تأخر إعطاؤه إشارة (أوكي) والسبب ببساطة لأنها لم تجد الشاشة المفقودة.. وعند البحث في الأرض وجدنا أن الشاشة الصغيرة ملتصقة في حذاء الجراح من غير أن يشعر.. فتنفسنا الصعداء وانتهت العملية بسلام.. وقبل ثلاثة عقود أو تزيد.. كنت في السنة النهائية من كلية الطب.. قال لنا نحن الطلبة آنذاك.. أستاذ مادة الأنف والأذن والحنجرة -رحمه الله- أنه أجرى في صباح يوم جمعة عملية استئصال لوزتين لطفل صغير.. ذهب بعدها لصلاة الجمعة.. وأثناء خطبة الإمام تذكر أنه نسي قطعة شاش صغيرة في حلق المريض.. فقطع صلاته وانسل من بين المصلين في المسجد عائداً للمريض في المستشفى.. لإخراج الشاشة.. وكان تصرفه زيادة في الحرص على المريض.. فلو ترك المريض وأكمل الاستماع للخطبة والصلاة.. لابتلع الطفل الشاشة الصغيرة وخرجت مع الفضلات.. وللحديث صلة.. فإلى سوانح قادمة بإذن الله. *مستشار سابق في الخدمات الطبية.. وزارة الداخلية