في عام 2009 تعرض البترول الى انخفاض حاد ليصل سعر البرميل الى 38 دولاراً من اعلى سعر 147 دولاراً للبرميل حققه في منتصف العام 2008 واشرت في مقال نشر في جريدة الرياض في ذلك الحين بتاريخ 27/1/2009 بالعدد رقم 14827، ان انخفاض السعر الى 38 دولاراً يمثل مرحلة ثانية من التصحيح لن تطول وأن السعر العادل بعد التصحيح سوف يكون بين سبعين وثمانين دولاراً للبرميل وفعلاً لم يستمر البترول عند ذلك المستوى المنخفض جداً إلا لفترة وجيزة عادت بعدها الاسعار الى المستوى العادل كما توقعناه واكثر. السؤال الذي نحاول إيجاد جواب منطقي له هو لماذا بعد ان انخفض سعر البرميل من اعلى سعر في عام 2008 الى ادنى سعر في بداية العام 2009 وان السعر العادل كان في حدود 80 دولاراً فما هي العوامل التي جعلت سعر البترول يبقى فوق المائة دولار خلال الاعوام الماضية بعد التصحيح في ظل كساد اقتصادي مستمر حتى الان، قد يكون للمنتجين دور في ذلك، لكن كما ان للمنتجين قدرة للتأثير على اسعار البترول فإن كبار المستهلكين لهم قدرة ايضاً للتأثير على الاسعار سلباً او ايجاباً اذا التقت المصالح، واذا كانت الولاياتالمتحدةالامريكية تستهلك ما يعادل 25% من الانتاج العالمي، فإنها بالتأكيد لها القدرة للتأثير على الاسعار وقد يكون ذلك لأسباب اقتصادية او سياسية. قبل عامين كانت عناوين الاخبار تتمحور حول ان ميزانية الولاياتالمتحدةالامريكية تشهد اكبر عجز لها في التاريخ وانها قد لاتكون قادرة على تسديد ديونها المتركمة وغير المسبوقة في حجمها، فكيف تغير الحال خلال العامين الماضيين وما علاقة ذلك بأسعار البترول ؟ كما يعرف الجميع ان ميزانية الحكومة الامريكية تعتمد بشكل كبير على الضرائب ومن اهمها الضريبة على الطاقة وبقاء الاسعار فوق المئة دولار امريكي خلال الفترة الماضية كان له اثر ايجابي على الخزانه الامريكية وانعكس ذلك على اقتصادها، يضاف الى ذلك كما هو معروف ان النفط الصخري تنقيباً واستخراجاً وتسويقاً غير مجد اذا كانت اسعار النفط تحت 80 دولاراً للبرميل وبقاء البترول فوق المئة دولار خلال الفترة الماضيه منح الفرصة للولايات المتحدةالامريكية لتفعيل هذا القطاع، وبالتأكيد ان دخول النفط الصخري للسوق وانخفاض الطلب الامريكي على استيراد النفط ولد ارتباكاً بين المنتجين للمحافظة على حصصهم السوقية نتج عنها منح تخفيضات سعرية استغلها المضاربون للضغط على الاسعار. لذا فانني اعتقد ان الانخفاض في اسعار البترول الحالية لن يذهب بعيداً عن المستويات التي نراها حالياً وان السعر العادل سوف يكون بين 60-80 دولاراً امريكياً خلال الفترة القادمة، واعتقد ان المملكة محقة في سياستها البترولية التي اتضحت معالمها من خطاب خادم الحرمين الشريفين في قمة العشرين التي انعقدت في واشنطن عام 2008، حيث اكد التزام المملكة بضمان استمرار الامداد وتوازن السوق واستراتجية دعم الاقتصاد العالمي عن طريق الاستثمار في الاقتصاد المحلي وربط الانفاق الاستراتيجي بحجم الفوائض المتحققة سابقاً من الارتفاعات السعرية تلافياً للتقلبات المتوقعة مستقبلا، لذا فإنه من المؤكد ان اسعار البترول في القريب العاجل سوف تستقر عند السعر العادل كما سبق الاشارة اليه مابين ستين الى ثمانين دولاراً للبرميل استناداً الى ان الاستهلاك العالمي اليومي لم ينخفض بشكل ملحوظ بالرغم من الكساد الاقتصادي العالمي، وان النمو في الطلب مستمر خصوصاً في الصين والهند، وان الانخفاض الحالي في الاسعار سوف يكون له اثر ايجابي على نمو الاقتصاد العالمي والذي سوف ينعكس ايجاباً على الاسعار في المستقبل.