عندما يبدأ زعماء العالم يشعرون بالقلق من الكساد الاقتصادي فإن تفكيرهم يتجه تلقائيا إلى اليابان بحثا عن معرفة كيف ينتهي المطاف بدولة ما إلى هذا الوضع، وسبل الإفلات منه. تعاني اليابان من الكساد الاقتصادي منذ أكثر من عشرين عاما. في ذلك الوقت انفجرت فقاعة أسعار الأصول في تسعينيات القرن الماضي، وهو ما جعل الكثير من البنوك تعاني من تراكم الديون المعدومة أو المشكوك في تحصيلها. وازداد الموقف سوءا عندما طالبت الحكومة البنوك إلى إلغاء هذه القروض، حيث أدى ذلك إلى أزمة ائتمان حادة بحسب ماسارو كينيكو أستاذ الاقتصاد في جامعة كيو اليابانية. أدى هذا الموقف إلى معاناة الشركات في الحصول على التمويل اللازم لاستثماراتها وإلى تقليل أعداد الموظفين الدائمين خفضا للنفقات، حيث زاد الاعتماد على العمالة المؤقتة والعاملين نصف الوقت والذين أصبحوا يمثلون الآن حوالي 40% من إجمالي قوة العمل في اليابان. ويعني هذا زيادة عدد الشباب من الرجال والنساء الذين لا يتمتعون باستقرار وظيفي أو بأجور مجزية. وأدى هذا بالطبع إلى تراجع في الإنفاق الاستهلاكي الخاص والذي يمثل الجزء الأكبر من إجمالي حجم الناتج المحلي لليابان وهو ما يعد مؤشرا كلاسيكيا على الكساد الاقتصادي. ويقول أماني سايتو المحلل الاقتصادي في معهد "ميزوهو" الياباني للأبحاث إن الكساد "يضر بأرباح الشركات ويدفع المستهلكين إلى تأجيل مشترياتهم انتظارا لمزيد من التراجع في الأسعار". وأصبح هذا الموقف واضحا في التوجه المتنامي لدى الشركات لخدمة المستهلكين الذين يحصلون على دخل أقل ويريدون إنفاق مبالغ أقل. المفارقة الكبرى هي أن هؤلاء المستهلكين يندفعون إلى المتاجر عند طرح أحدث المنتجات غالية الثمن لشرائها. ويقول محللون إنه سيكون من الصعب على اليابان الخروج من دائرة الكساد ما دام الكثيرون من اليابانيين يختارون شراء فنجان القهوة من محال ماكدونالدز مقابل 100 ين (85 سنتا) أو التسوق من متاجر "100 ين شوب" و"يونيكلو" التي تقدم الملابس الرخيصة. في المقابل يقول كثيرون من اليابانيين إن هذه المتاجر الرخيصة تقدم مساعدة كبيرة لهم في مواجهة تراجع دخولهم. وكانت شركة دايسو إنداستريز قد افتتحت أول فروع سلسلة متاجر "100 ين شوب" في تاكاماتسو بجزيرة شيكوكو في جنوب غرب اليابان عام 1991، عندما بدأت فقاعة أسعار الأصول في اليابان تنفجر. وبحلول مارس الماضي وصل عدد فروع هذه السلسلة في اليابان إلى 2800 فرع إلى جانب 840 فرعا في 25 دولة حيث تبيع كل شيء من رموش العين الصناعية إلى مستلزمات المرحاض إلى المياه المعدنية. في الوقت نفسه فإن نهاية الكساد الاقتصادي في اليابان تبدو في الأفق. يقول معهد ميزوهو للأبحاث إن هناك احتمالا لوصول معدل التضخم في اليابان إلى 5ر0% خلال 2016 بحسب سايتو. ويضيف سايتو "نعتقد أن الأمر سيستغرق بعض الوقت. فمع نمو الاقتصاد سيبدأ التضخم يرتفع تدريجيا". ويقول كانيكو إنه على الدول التي ترغب في تجنب الكساد الاقتصادي مواصلة إجراءات توفير الوظائف وبخاصة بالنسبة للشباب.