حين يأخذ المضارب تسهيلات كبيرة ويقذف بها في بحر الأسهم اللُّجِّي طمعاً في الصيد الوفير، فإن البنوك قد تبيع أسهمه رغماً عنه، وفي أسوأ أوقات النزول التي هي وقت الشراء، ومهما حقق المضاربون من أرباح كبيرة في السابق بسبب الرافعة المالية فإن مصير الكثير منهم للإفلاس مع الأسف، لأنهم أدمنوا على (الديون) وتساهلوا بها وأصبحت جزءاً من سلكوهم وطبيعتهم، وفوق أنهم يضرون أنفسهم -أبعد الله عنهم الضرر- فإنهم إذا تهاوت السوق يضرون المتداولين الذين لم يأخذوا ديوناً ولا يطيقونها، ولنا عبرة في مئة شركة معروضة على النسبة الدُنيا يوم الاثنين المنصرم، حتى تضرَّجت الشاشة بالدم، مما يثير الهلع لدى الآخرين غير المدينين، ويجعل السوق كالطائرة التي تشهد مطبات فضائية هائلة تبعث على الفزع.. بل ويشوه سمعة السوق ويُنفِّر منه. هذا المقال القصير ليس وليد الأسبوع المنصرم فقط، فقد كتبت مراراً محذراً من الديون (ظاهرة التساهل بالديون 1-2) نشر قبل انهيار فبراير 2006 بأسبوع (تلال الديون تبني جبال القلق وتسهيلات الأسهم أكثرها تنغيصا) 8 ديسمبر 2006 (التسهيلات خافضة رافعة) 2 أبريل 2009 ذكرت فيه أن مايُسمّى الرافعة المالية قد تخفض صاحبها إلى أسفل السافلين في سوق الأسهم شديد الخطورة.. وغير ذلك من المقالات السابقة، وخطورة الديون معروفة لكل عاقل، وسيد البشر يقول (اللهم إني أعوذ بك من غَلَبَة الدَّيْن وقهر الرجال) ومن أشد القهر أن تُباع أسهم المدين في عز النزول ويصبح (على الحديدة) لا سمح الله. طبعاً المصارف وشركات الوساطة تبحث عن الربح، وبعضها تمنح المضارب ضعفي محفظته، فإذا نزل السوق 25٪ أفلس تقريباً مع الأسف، فوق أنه يربك السوق ويضر بعقلائه، لهذا نأمل من مؤسسة النقد وهيئة سوق المال توجيه المصارف وشركات الوساطة بعدم الإسراف في التسهيلات للمضاربين، ودراسة سلوك المتداول وتوعيته بشدة المخاطر.. حمانا الله وإياكم من الديون وقلقها وعواقبها الوخيمة على الفرد والمجتمع والاقتصاد.