اعتاد معظم المضاربين في أسواق الأسهم على تسمية التسهيلات البنكية (الرافعة المالية).. وكأنهم بهذا يصدرون حكماً مسبقاً مطلقاً بأن حصولهم على قروض بنكية لشراء المزيد من الأسهم (التسهيلات) ترفع أرباحهم.. الواقع أنها ترفع قدرتهم على الشراء بشكل مؤقت، أما حكاية (الأرباح) فليست مطلقة ولا شبه مطلقة، فالقروض خافضة رافعة، والعاقل يلزم الحذر فينظر إلى المفردة الأولى (خافضة) قبل أن يستسلم لإغراء المفردة الثانية (الرافعة المالية).. حين يكون رأس مالك مليون ريال، وتقترض من البنك مليونا آخر، وتشتري بهما عدداً من الأسهم، فإن خسائرك سوف تضرب في اثنين، كما أن أرباحك سوف تضرب في اثنين، وهذا بدهي، فللمسألة وجهان ولكن أحدهما شرس وأكثر تدميراً.. بالمعنى العملي لو نزل السوق بسرعة فإن الرافعة هنا سوف تخفض صاحبها إلى أسفل سافلين، فيفقد رأس ماله كله.. يفلس.. ولا خيار له في البيع أو البقاء.. وإن ارتفعت السوق حاز ربحاً وفيراً إذا باع في الوقت المناسب، وخيار البيع له لأن المقرض مطمئن، هنا يتدخل الطمع عند كثيرين فيتأجل قرار البيع الاختياري ولا يكاد السوق ينزل حتى يندم المقترض ويأمل في الارتفاع فإذا تواصل النزول فقد قدرته على اتخاذ القرار ليقوم البنك بذلك نيابة عنه.. وهنالك فرق شاسع بين أن يفلس المضارب أو يخسر نصف رأس ماله - في حال عدم اعتماده على الخافضة الرافعة - الإفلاس قاتل، والإنسان لا يعرف أهمية الثروة حتى يفقدها تماماً كالصحة.. لا يعني هذا أن التسهيلات سيئة في كل الأحوال وعلى الإطلاق، ولكنه يعني أن التسهيلات خطيرة جداً ومقلقة وأن فرصة الرفع لا توازي هلاك الخفض، وبالتالي لا تصلح التسهيلات البنكية بغرض شراء الأسهم إلا للمحترف الحذر المتابع بعمق، وعلى أن لا يبالغ في حجمها قياساً لرأس المال.. إن أكثر من يستخدمون التسهيلات البنكية لشراء المزيد من الأسهم أفراد، وكثير منهم لا يدرك أبعاد المخاطرة، وليس لديه الوعي الاقتصادي القادر على اتخاذ القرار بحسم عند اللزوم، ولا يستطيع قراءة المستقبل ببصيرة ثاقبة، الواقع أنه حتى المؤسسات - مثل بنوك الاستثمار وصناديق التحوط العالمية - لم يفلس بها إلا مايُُسَمَّى (الرافعة المالية) رغم كل ما لديها من خبراء ومستشارين، لأن الأسواق أكبر من الجميع وأكثر مكراً، إذن فليعرف المقترض سلفاً أن التسهيلات (خافضة رافعة) ولينظر للمفردة الأولى بعمق قبل أن يندفع..