حذّر اقتصاديان من عودة المصارف السعودية إلى تقديم عروض تسهيلات مالية على محافظ الأسهم، ما يعيد إلى الأذهان ما حدث من كوارث مالية حلت بآلاف الأسر عام 2006 نتيجة هذه التسهيلات، والتي انتهت بقيام المصارف بعمليات التسييل الإجباري بعد انهيار سوق الأسهم بهدف حماية حقوقها. واعتبر الاقتصاديان في حديثهما مع «الحياة» أن التاريخ يعيد نفسه بأخطاء ترتكبها المصارف - بحماقة -، إذ تفوض بعض موظفيها بتقديم هذه التسهيلات من دون تمحيص في هوية العميل الذي تقدم له التسهيلات ومقدرته على التعامل معها، ما يضر بعملائها، مع علم المصارف باحتمال حدوث هذا للعميل. وكان مجلس الوزراء السعودي قرر الأسبوع الماضي السماح للمؤسسات الأجنبية بالاستثمار المباشر في سوق الأسهم السعودية اعتباراً من النصف الأول من العام المقبل 2015، ما يؤكد جاذبية السوق السعودية ويشجع الكثيرين على دخولها. وبدأ الاقتصادي طارق الماضي حديثه بالقول: «للأسف هذا الكلام حقيقي تماماً، ولعلي لا أبالغ عندما أقول إن التسهيلات المصرفية كانت من أهم العوامل الرئيسة في انهيار سوق الأسهم عام 2006، الأمر الذي أدى إلى حدوث أضرار جسيمة للعملاء، بعد بدء المصارف في عمليات التسييل الإجبارية، ما أضر بالسوق والعملاء على حد سواء، لذلك لم يكن صدفة هبوط أرباح كثير من تلك المصارف بعد انهيار سوق الأسهم وانحسار عمليات تقديم التسهيلات نتيجة خسائر العملاء». وأكد أن هذا العامل السلبي نفسه تمت ممارسته في المعايير التي بناءً عليها قُدمت القروض للشركات وبخاصة لفترة قبل عام 2008، حتى بدأت الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي أدت إلى ارتفاع مخصص الديون المشكوك في تحصيلها لدى تلك المصارف إلى نحو 25 بليون ريال، وبعد ذلك تم تغيير معايير تقديم تلك القروض ولكن بعد ضياع الكثير من أموال مساهمي تلك المصارف في عمليات إقراض غير رشيدة. وحول غياب الدور التوعوي الموجه لعملاء المصارف قال الماضي: «بالنسبة للتوعية.. للأسف المنظومة المالية كلها من مؤسسة النقد إلى المصارف إلى الشركات المتعاونة معها مثل (سمة) أو اللجنة المصرفية ما زالت برأيي تقوم بدور دفاعي عن المصارف على حساب العملاء أنفسهم، وهنا المشكلة الأساسية في ضياع حقوق العملاء بشكل مستمر وبخاصة مع مواقف سلبية عدة لمؤسسة النقد نحو كثير من هذه القضايا والمواقف». وفي شأن الحلول والطرق التي تمكن العميل المتورط بهذه التسهيلات من التخلص من قروضه، قال الماضي: «لا طريق أمام أي عميل يتورط في قروض مع المصرف، فعند التعثر مع المصرف يدخل في مشكلة أخرى مع شركة سمة، إضافة إلى ما تقوم به لجنة الإعلام والتوعية المصرفية للمصارف من عمليات الدعم الإعلامي والترويجي لهذة السياسة المالية السلبية، بينما كان دورها الرئيس الذي فقدته توعوي حمائي للعملاء». من جانبه، قال المصرفي محمد العمران إن مؤسسة النقد العربي السعودي تتحمل الجزء الأكبر من هذه القضية، كونها لا تستطيع تطبيق الأنظمة على المصارف، مضيفاً: «مؤسسة النقد لديها الأنظمة ولكن المصارف مع الأسف أقوى من مؤسسة النقد، واستطاعت المصارف أن تخترق المؤسسة منذ زمن طويل حتى طوعت المؤسسة للعمل لمصلحتها». وتساءل العمران عن الأسس التي تقدم عبرها المصارف التسهيلات المصرفية للعملاء، وقال: «كثير من عملاء المصارف يتعرضون لمثل هذه الإغراءات، بعض من أعرفهم يسألونني هل نقبل بها، مع علمي أن بعضهم لا يملك الدراية ولا القدرة على التعامل مع الستهيلات وإدارة المحافظ، وأتساءل ما هي الأسس؟». ويجيب العمران: «بما أن النظام ينص على عدم إعطاء أي تسهيلات إلا للعميل المدرك والمتعلم، فالمشكلة هنا بيد الموظف الذي أعطاه مصرفه صلاحيات ويريد تحقق هدفه السنوي في مقابل توزيع هذه التسهيلات بعشوائية مع علمه ويقينه بما سيحدث بعد ذلك، مع الأسف». وتابع العمران: «نريد تطبيق القانون الموجود فقط، هل هذا مستحيل يا مؤسسة النقد؟».