أكد الشيخ محمد بن ناصر العبودي الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي وأمين الجامعة الإسلامية الأسبق انه كان أول شخص عُيّن في الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة وظلّ فيها ستة شهور لا يوجد معه موظف غيره، وذلك حين كان إنشاء الجامعة فكرة في عهد الملك سعود رحمه الله عام 1380ه. واستعرض العبودي في محاضرة حاشدة ألقاها بالجامعة الإسلامية بعنوان “ذكرياتي في الجامعة الإسلامية ورحلاتي” مساء أمس الأول قصة إنشاء الجامعة الإسلامية وتعيينه للعمل بها، وقال: في ربيع الثاني عام 1380ه كنت مدير المعهد العلمي في بريدة وكنا نجري اختبارات الدور الثاني لطلاب المعهد، وكنت أستمع إلى النشرة الرئيسية من الإذاعة السعودية بعد المغرب مباشرة فإذا خبر يقول: اجتمع الملك سعود بسماحة مفتي ورئيس القضاة الشيخ محمد بن إبراهيم وبحث معه موضوع إنشاء الجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة. ومن الغد مع أذان الظهر جاء موزع البرقيات ومعه برقية باسمي من سماحة المفتي وهو رئيس الكليات والمعاهد العلمية آنذاك تقول: حسب أمر جلالة الملك سلموا المعهد للمساعد وتوجهوا إلى الرياض، ولم يحدد لماذا، وخطر في ذهني أن له علاقة بإنشاء الجامعة الإسلامية، فسافرت واجتمعت بالمفتي، وأخبرني أنه بحث مع الملك مشروع إنشاء الجامعة الإسلامية، وأن الملك سعود يرى أن يكون مدير الجامعة هو الشيخ عبدالله خياط وكان إمام المسجد الحرام آنذاك وأن تكون أنت مساعداً له. وذكر العبودي أن المراسم الملكية استضافته في فندق اليمامة ولا يوجد حينها غيره في الرياض سوى فندق زهرة الشرق، وطلب منه ينتظر الشيخ خياط، ولكنه لم يقدم إلى الرياض واعتذر لكونه إماماً للمسجد الحرام وله درس به ولم يشأ ترك مكة، وبقي أمر من يخلفه مشاورة بين الملك والمفتي، وهو في الفندق ينتظر، فأجمع أمرهما على أن يكون الشيخ محمد الحركان قاضي المحكمة الكبرى بجدة بديلاً عن خياط، وكان معروفاً بالنزاهة والصرامة في الحكم، فجاء إلى الرياض ونزل في الفندق معي، ولما علم أهل جدة أكثروا البرقيات للملك في إبقائه بجدة، وطلب هو الإعفاء فأعفاه الملك من المهمة، وقال: بقيت أنا ولا يوجد معي موظف آخر وبقيت في الفندق نحو شهرين. ويواصل الشيخ العبودي سرد القصة ويذكر أنهم لما رأوا قرب العام الدراسي شكلت لجنة من رئيس الديوان الملكي الشيخ يوسف ياسين وهو سوري، وكان مستشاراً عندالملك عبدالعزيز ومحبًّا للعلم، والأستاذ عبدالعزيز بن معمر وكان وزير دولة، والقانوني عبدالمنعم مصطفى وهو مصري والشيخ العبودي وموظف آخر من الديوان واجتمعوا في الديوان الملكي لوضع نظام الجامعة. وذكر العبودي أن أهم ما اختلفوا حوله هو هل ستكون مقاعد الجامعة مخصصة لغير السعوديين كاملة، أم تخصص نسبة منها للسعوديين، مشيراً إلى أنهم رأوا أن السعوديين في ذلك الوقت لهم كليتا شريعة في الرياضومكة، وليسوا بحاجة كما هي حال أبناء المسلمين من أنحاء العالم، واستقر الرأي على أن يكون للسعوديين نسبة لا تزيد على 20%. وأكد العبودي أنه اقترح تضمين النظام إنشاء المجلس الأعلى الاستشاري في الجامعة من عشرين شخصاً من كبار العلماء ورجال الدعوة في بلاد العالم الإسلامي، وذكر منهم أبا الحسن الندوي وأبا العلاء المودودي والطاهر بن عاشور مفتي تونس وعلي الطنطاوي ومصطفى الزرقا وشخصين كلاهما محمد بهجة واحد من العراق، والثاني محمد بهجة البيطار من سوريا، وقال: عندما عقدنا أول جلسة بعد ذلك، قال الطنطاوي بروحه الطريفة: لدينا بهجة الشام وبهجة العراق. وأشار العبودي إلى أن الملك سعود والمفتي اتفقا على أن يكون الرئيس هو ابن إبراهيم وهي وظيفة بدون راتب، وأن يُعيّن ابن باز نائباً لرئيس الجامعة براتب 5 آلاف ريال، على أن يتولى العبودي وظيفة الأمين العام للجامعة براتب ثلاثة آلاف، وقال: عرفت في ذلك الوقت أن رواتب قضاة المحكمة في المدينة لا تزيد على 1800 ريال. وأشار العبودي إلى أن انطلاق الجامعة كان ربيع الأول عام 1381ه، وكان مجلس الجامعة ينعقد ليلة الجمعة من كل أسبوع، وكان الشيخ ابن باز يعشيهم كل ليلة من جيبه الخاص، وربما كان عشاء خفيفاً ب”النواشف”. ولم يُخفِ العبودي تشاؤم كثيرين وتوقعهم فشل الجامعة بحجة أن إداراتها غير ذات خبرة في التعليم الجامعي، مؤكداً أن الخبرة لم تكن تنقصهم بحكم عمله هو مديراً لمعهد بريدة العلمي وكون أكثرهم عمل أستاذاً بكليات سابقة. وعن قصة اختيار موقع الجامعة الحالي قال العبودي لما أمر الملك سعود بإنشاء الجامعة كان في الموقع نحو عشرين داراً تابعة للقصر الملكي الكبير بسلطانة، فأبلغت الملك أهمية تعديلها لتناسب حاجة الجامعة فأرسل معي سليمان بن حماد الشويلي وكان رئيس إدارة القصور الملكية، فأطلعته على المطلوب.