في حياة الإنسان مواقف يواجهها لتضعه أمام خيارات صعبة تتطلب منه العمل على اتخاذ قرارات حازمة خلال فترة زمنية قصيرة . وأمام تلك المواقف يسعى الإنسان لاتخاذ قرارات أشبه ماتكون بالقرارات السريعة التي قد تؤدي إلى نتائج ايجابية وقد يحدث العكس . لذلك نرى أن حياة الناجحين تتميز باقترانها بالتحديات والثقة بالنفس والتفاؤل الدائم دون النظر إلى ماسيحمله البعض من أفراد المجتمع من انعكاسات سلبية على الفرد الساعون لمحاربة الناجحين والنظر إليهم بتعالٍ وكبرياء وقد يصل الحد بالبعض منهم للإساءة قولا وفعلا . غير أن الساعي للنجاح يظل دوما متفائلا بالمستقبل وماسيحمله وفي إبداع الشاعر ميلتون وبيتهوفن روائع صنعت منهما أعلاما فالأول كتب روائعه الشعرية وهو أعمى بينما الثاني ألف سيمفونياته وهو أصم . إنها الإرادة المرتبطة بالثقة في النفس لكثير من الشخصيات الناجحة التي اعتمدت تحديد الأهداف كخطوة أولى والاتجاه عبر ممر النجاح بعد تفكير دقيق لرؤية واضحة بعيدا عن الهوى لأن آفة الإنسان الهوى . وان كان من الطبيعي أن يواجه الإنسان معوقات واحباطات كلما سعى لتحقيق أهدافه فان قوة الإرادة هي المحرك الذي يستطيع الإنسان من خلاله تجاوز المعوقات. وان كان ميلتون وبيتهوفن شكلا نماذج لإصرار الإنسان على تجاوز الصعاب لتحقيق الهدف فان جون فوب أحد أشهر المتحدثين والخطباء الذي ولد بدون زراعيين يقول في كتابه “ماهو عذرك ” عن نجاحه “ إن أربعة محاور جعلته ينجح في حياته: رؤية مليئة بالأمل لحياته ومستقبله، الصبر على العوائق والمشكلات، المثابرة والإصرار على الاستمرار وأخيرا حياة روحية غنية يقترب فيها من الله طالبا عونه ومساندته”. لذلك لابد أن يدرك الإنسان أن الإرادة هي مفتاح النجاح ومن يستطع تملكها واستخدامها في الوقت المناسب فمن المؤكد أنه سيكتب بداخله ثقة تسطع بنورها أمام الجميع . ولابد أن يترك الإنسان أهواءه ويدرك بان السيطرة عليها هي مفتاحه للنجاح حتى وان استلزم ذلك تدريب النفس على الصبر فالطريق صعب وهناك محطات وجدت للراحة وهي بمثابة استراحات للتفكير والتأمل التفكير فيما مضى والتأمل للقادم والإصرار على عبور الصعاب فالنجاح لايأتي بسهولة . وليس بغريب عنا ابن الرومي الشاعر الكبير في العصر العباسي والذي شهدت حياته الكثير من المآسي لكنها في مقابل ذلك تركت آثارها على قصائده فكان من الشعراء المتميزين في عصره وقال عنه طه حسين” نحن نعلم أنه كان سيء الحظ في حياته، ولم يكن محبباً إلى الناس، وإنما كان مبغضاً إليهم، وكان مُحسداً أيضاً، ولم يكن أمره مقصوراً على سوء حظه، بل ربما كان سوء طبيعته، فقد كان حاد المزاج، مضطربا، معتل الطبع، ضعيف الأعصاب، حاد الحس جداً، يكاد يبلغ من ذلك الإسراف”. وقال ابن خلكان في وصفه له : “الشاعر المشهور صاحب النظم العجيب والتوليد الغريب، يغوص على المعاني النادرة فيستخرجها من مكانها ويبرزها في أحسن صورة ولا يترك المعنى حتى يستوفيه إلى آخره ولا يبقي فيه بقية”.