عقد عدد من اصحاب السمو والمعالى وزراء الخارجية العرب اجتماعا موسعا أمس في العاصمة البريطانية لندن مع وزراء خارجية وممثلى دول واطراف اللجنة الرباعية الدولية الخاصة بقضية الشرق الاوسط وذلك في اطار الاجتماع الدوري للجنة الرباعية. وشارك في الاجتماع من الجانب العربي صاحب السمو الملكي الامير سعود الفيصل وزير الخارجية ووزير خارجية مصر احمد ابو الغيط ووزير خارجية دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ عبدالله بن زايد ال نهيان ووزير خارجية الاردن صلاح الدين البشير وممثلان عن وزيري خارجية دولة الكويت وتونس. كما شارك في الاجتماع وزيرة خارجية الولاياتالمتحدة كونداليزا رايس ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف والامين العام للامم المتحدة بان كي مون وممثل اللجنة الرباعية توني بلير والممثل الامني والسياسي الاعلى للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا ووزير الخارجية السلوفيني رئيس الدورة الحالية للاتحاد ديمتري بوبيل والمفوضة الاوروبية للعلاقات الخارجية بينيتا فيريرو. وحضر الاجتماع صاحب السمو الملكي الامير محمد بن نواف بن عبدالعزيز سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة وايرلندا. والقى صاحب السمو الملكي الامير سعود الفيصل كلمة خلال الاجتماع وصف فيها الوضع في منطقة الشرق الاوسط بانه كئيب وتعصف به المخاطر. وشدد سموه على ان هذه الحقيقة نتجت جراء الطريقة التي تتعامل بها اسرائيل مع الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. وقال سموه : ان المفاوضات من أجل ايجاد حل لهذا النزاع أخذت حيزا كبيرا من الزمن امتد لنحو ستين عاما وبدلا من تبسيط أو ايضاح هذه القضية وتحديدها وفقا لقرار الأممالمتحدة رقم 181 الذي شرع قانونية إقامة وطن قومي للفلسطينيين بجانب دولة اسرائيلية فان الكثير من العناصر غير المرتبطة وغير الضرورية جرى اقحامها في هذا النزاع خاصة بعد حرب 1967 . واكد سمو الامير سعود الفيصل ان قضية الاحتلال الاسرائيلي لجميع الاراضي الفلسطينية يجب ان تحل وفقا لقراري الأممالمتحدة رقم 242 و رقم 338 اللذان أكدا أن احتلال الارض بقوة السلاح أمر غير مقبول. واوضح سموه أن حل النزاع على هذه الاراضي يجب أن يتم إما من خلال المفاوضات أو التحكيم ، وأن النقطة موضع الخلاف هي تفسير قرار مجلس الامن الدولي رقم 242 وما اذا كان يعنى الانسحاب من جميع الاراضي الفلسطينية أو مجرد الانسحاب من أراض احتلت في حرب عام 1967م. وقال : اعتقد ان تطورات هذا الوضع تعود الى ثلاثة أسباب متداخلة أولها إصرار اسرائيل الواضح على استقطاع أراضي مأهولة من الفلسطينيين لصالح توسيع الاراضي اليهودية وهذا أدى الى اقتلاع سكان الارض الحقيقيين من أراضيهم وهدد بالتالي بقية الفلسطينيين بمواجهة نفس المصير، وحتمت تلك الظروف استمرار النزاع الذي انتهك حقوق الفلسطينيين وأدى لمعاناتهم من القمع والعنف وسوء المعاملة تحت وطأة الرفض والحرمان . وأضاف سموه يقول : ان الثاني يعود الى استمرار اسرائيل في ممارسة سياستها التي تقوم على تحقيق الأمن الكامل لاسرائيل فقط مما أدى الى المزيد من الأبعاد السلبية أي سياسة الأمن الكامل لطرف واحد في هذا النزاع وعدم توفير أمن مطلق للطرف الآخر . وقال سمو وزير الخارجية : إن ثالث هذه الأسباب هو أن مشاعر العداء الواسعة للسامية فى الغرب وما يتردد عن المحرقة النازية التي وقعت على اليهود أدت بلا شك الى تعاطف كبير معهم فى الغرب وفي باقي دول العالم .. ولكنها ساهمت فى اعطاء اسرائيل إذنا باستخدام ما تريد من سياسات وإن مثلت ظلما بينا للفلسطينيين بينما ينظر الى اسرائيل كدولة محبة للسلام بغض النظرعن تصرفاتها المثيرة للتنديد ولردود الفعل العنيفة . وتابع سموه قائلا : لقد أصبح النزاع الإسرائيلى الفلسطيني جزء لا يتجزأ من القضايا الداخلية والاهتمامات المحلية فى أوروبا والولاياتالمتحدة الأمر الذي أضاف الى تعقيداته ووفر لسوق الحجج والمبررات لكل عمل تقوم به اسرائيل حتى لو كان خارجا عن القانون أو يستحق الشجب والادانة .. مثل هذه التصورات تستعيض عن التزام المنطق والموضوعية بالاحتكام للعواطف غير الواقعية . واعرب سموه عن ثقته بادراك الجميع لهذه الحقائق. وقال : كما أؤكد أننى لا أرمى الى اتهام جهة أو طرف بل آمل بصدق أن تتضافر جهودكم لايجاد مخرج من هذا المستنقع .. لقد بذلت الدول العربية كل ما في وسعها لتشجيع عملية التسوية وتبنت المبادرة العربية للسلام فى بيروت منح اسرائيل الأمن الكامل الذي تطلبه من خلال التطبيع القائم على معاهدة سلام توقع عليها اسرائيل وكافة الدول العربية بالاضافة الى الدول الاسلامية التى أعلنت التزامها بالخطة العربية للسلام .. ومن المهم في تقديرنا أن نقف على المقترحات التي يطرحها أعضاء اللجنة الرباعية الدولية بصدد الخروج بنا من هذا الطريق المسدود . وأكد سمو الأمير سعود الفيصل ان المسعى الجاد والنزيه لتجسيد تعهدات (أنابوليس ) على أرض الواقع سيمكننا من ازالة معظم العقبات والتعقيدات القائمة فى الوضع الراهن .. وقال : السبيل الأفضل لضمان الأمن لاسرائيل فى تقديرنا هو قيام دولة فلسطينية قابلة للنمو وفقا لتصور الرئيس جورج بوش جنبا الى جنب مع اسرائيل وهو ما يجعل من الدولة الفلسطينية عضوا مسؤولا ومتمسكا بالالتزامات الدولية، كما يجب ألا ننسى أن بمقدور اسرائيل أن تعتمد فى ضمان أمنها على أكثر الدول نفوذا فى العالم وخاصة الولاياتالمتحدة وعلى منظمة الأممالمتحدة التي أنشأت دولة اسرائيل في المقام الأول . وعبر سموه عن اعتقاده أن من أسباب صعوبة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية حاليا هو المحاولات المستمرة لشق الصف الفلسطيني بدلا عن العمل لتوحيده من وراء عملية السلام .. ففلسطين الموحدة تشكل قوة حيوية ودافعة نحو المفاوضات كما تمثل بكل تأكيد عنصرا ضروريا لنجاحها. ولقد تحولت حكومة الوحدة الفلسطينية التى انبثقت من اتفاق (مكةالمكرمة ) الى فرصة ضائعة واذا ما عادت هذه الفرصة الثمينة من جديد دعونا نأمل ألا تضيع منا مرة أخرى. وشدد سموه على أن هناك حاجة ماسة لإحداث تغيير فى أسلوب الرباعية الدولية يركز جهودها على مقترحات بناءة تعين على السير قدما بعملية التسوية بدلا عن الإكتفاء بالتداول حول النزاع ووضع شروط لا يمكن الوفاء بها. ورأى سموه أن تؤسس هذه المقترحات على الشرعية والقانون الدولى وألا تخضع للابتعاد عن مجراها المرسوم .. فتحقيق السلام والأمن مهدد بالفشل اذا لم نتوخ التطبيق العادل للقانون الدولي على الجميع دون محاباة ولا يمكن بالطبع القبول بالتصرفات الفردية أو الاستثناءات بحكم الواقع فى حالة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وأكد سمو وزير الخارجية ضرورة أن تتوخى قرارات اللجنة الرباعية مبادئ الحيدة والعدالة والمساواة والتشديد على ازالة المستوطنات والحواجز ووضع حد لتقسيم الأراضى الفلسطينية. وأن تخضع القرارات التى يتم التوصل لها للمتابعة والرصد والمحاسبة حتى نحقق التقدم الذي نصبو اليه. وقد جرى خلال الاجتماع بحث نتائج الاجتماع الدوري للجنة الرباعية الدولية ومستقبل وآفاق عملية السلام على ضوئها.