أقيمت صلاة الاستسقاء صباح أمس في جميع مدن المملكة ومحافظاتها ومراكزها اتباعا لسنة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام عند الجدب وتأخر نزول المطر أملا في طلب المزيد من الجواد الكريم أن ينعم بفضله وإحسانه بالغيث على أنحاء البلاد. كما أقيمت الصلاة في الجامعات ومدارس البنين بمختلف مناطق المملكة. ففي مكةالمكرمة أدى جموع المصلين صلاة الاستسقاء بالمسجد الحرام يتقدمهم وكيل إمارة منطقة مكةالمكرمة الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الخضيري ومعالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين ونائبه لشؤون المسجد الحرام الشيخ الدكتور محمد بن ناصر الخزيم. وأم المصلين إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن محمد آل طالب الذي أوصى المسلمين بتقوى الله عز وجل فهي حق الله على المسلمين ، وأن يستعينوا عليها بالله ، وأن يستعينوا بها للقاء الله ، فهي في يوم الحرز والجنة ، وفي غد هي الطريق إلى الجنة ، مسلكها واضح ، وسالكها رابح ، ومستودعها حافظ ، وهي النجاة غدا إذا أعاد الله ما أبدا وأخذ ما أعطى وسأل عن ما أسدى . وأن يعدوا للسؤال جوابا وللحساب عملا صوابا. وقال فضيلته : إن الله تعالى لطيف بخلقه رحيم بعباده يغفر لمن ضعفت نفسه أمام الشهوة وزلت قدمه في وحل المعصية ، ولكن المصيبة كل المصيبة والطامة التي هي بالعذاب عامة هي الإعلان بالمنكر والإشهار ، بلا تغيير ولا إنكار ، وأخطر من ذلك ما يجلب غضب الجبار جل جلاله ويخرب الديار من الدعوة إلى ما يخالف أمره ويهتك حماه وستره ، إن المحادة لله ورسوله مساس بأمن المجتمع كل المجتمع وسبب للهلاك العام والعقاب الشامل ، وإن الناس إذا راوي الظالم فلم يأخذوا على يديه أو شك أن يعمهم الله بعقاب من عنده لذا شرع الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمانا من العذاب ودفعا للعقاب . وأضاف فضيلة الشيخ آل طالب : ليس الموقف موقف سرد للذنوب وتعدادها ولا حصر للمعاصي وتردادها ولكن المقام مقام تنبيه وتذكير وموعظة وتحذير . وحث فضيلته المسلمين على المبادرة بالتوبة النصوح إلى الله ، وأن يجددوا مع الله العهد ، وأن يبتغوا عنده الرزق ، وأن يخلصوا دينهم لله ، وأن يطرحوا الشهوات قربا لله ، وأن يتورعوا عن المشتبهات خوفا من الله ، وأن يتواصوا بالصلاة والزكاة ، وأن يأتمروا بالمعروف ويتناهوا عن المنكر ، وأن يشيعوا الفضيلة والعفاف والأمانة والعدل ، وأن يطيبوا مكاسبهم ، وأن يتحللوا من المظالم ، وأن يؤدوا الحقوق إلى أصحابها ، وأن يقدروا الله حق قدره ، وأن يتقوا يوما يرجعون فيه إلى الله ، وأن يستغفروا الله ، وأن يلحوا في الدعاء ، وأن يرفعوا أكف الضراعة إلى الله. ودعا الله عزوجل أن يغيث بلاد المسلمين غيثا هنيئا مريئا غدقا طبقا مجللا سحا عاما دائما نافعا غير ضار عاجل غير آجل ، وأن يجعله سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق ، ولا يمنعهم بذنوبهم ، وأن يأمنهم من الخوف ولا يهلكهم بالسنين وأن يكشف ما بالمسلمين من بلاء. كما أدى جموع المصلين في المسجد النبوي الشريف بالمدينةالمنورة صلاة الاستسقاء يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة. وأم المصلين فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ عبدالمحسن القاسم الذي دعا المسلمين إلى تقوى الله ، فهو سبحانه وتعالى الذي يكشف البلوى ، وأمر عباده بالدعاء وجعله مفتاحا لكل خير. وقال : إن الخلق فقراء إلى الله لا غنى لهم عنه في جميع أحوالهم ، يلجأون إليه في الشدة والرخاء ، وهو سبحانه واسع حميد يعطي من سأله بسخاء ، يداه مبسوطتان بالإنفاق ، يكشف كل كرب وبلاء استغاث به نبينا صلى الله عليه وسلم في بدر فأغاثه بماء وانزل جنودا لم يروها وهو فارج الكربات ومجيب الدعوات ومغيث اللهفات يحب سبحانه وتعالى الأوابين ويتوب على من تاب ، أغدق على عباده النعم وبسط لهم الأرزاق . وأضاف فضيلته: إن ما يصاب به العباد من القحط وقلة الأرزاق إنما هو ببعض ذنوبهم أو خطايا اقترفوها ، وإن البعد عن الاستقامة يمنع القطر من السماء ، والذي يفوت بارتكاب المعاصي من خيري الدنيا والآخرة أضعاف ما يحصل من السرور واللذة بها والألم والعذاب كله في من اسخط ربه ومولاه بتدنيس نفسه بالذنوب والآثام فمنع الرزق عن نفسه وعن غيره. وبين الشيخ القاسم أن الذنوب والمعاصي مهلكة للأوطان والشعوب وجاذبة للشرور والمصائب ، بها تزول النعم وتحل النقم وبسببها تتوالى المحن وتتداعى الفتن ، وبالمعصية تتعثر الأمور على العاصي ، وتمحق بركة عمره ، وهوان الذنب على العاصي من علامة الهلاك ، وإذا صغر الذنب في عين العبد عظم عند الله ، ومحقرات الذنوب إذا اجتمعت على رجل أهلكته. وحذر فضيلته من المجاهرة بالذنب أو استصغاره أو الفرح به أو التهاون بستر الله عليه ، حيث أن الذنب على الذنب يعمي والمجاهرة به من أعظم الأوزار ، وقال : إن الله سبحانه وتعالى الرؤوف اللطيف الحليم ، إذا اخطأ العباد انذرهم فيمنع عنهم القطر ليلجأوا إليه بالاستغفار والإنابة . وفى ختام خطبته سأل الله عز وجل أن يغفر للمسلمين جميعا ، وأن ينزل عليهم الغيث ولا يجعلهم من القانطين ، وأن يغيثهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق غيثا طيبا نافعا ، وأن يجعله متاعا وقوة لهم وبلاغا إلى حين ، عاما عاجلا غير آجل يغيث به البلاد والعباد وينفع به الحاضر والباد. وفي مدينة الرياض أدى جموع المصلين صلاة الاستسقاء يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وذلك في جامع الإمام تركي بن عبدالله. وأدى الصلاة مع سموه صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز المستشار الخاص لسمو أمير منطقة الرياض. وأم المصلين سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ الذي أوصى في خطبته المصلين بتقوى الله سبحانه وتعالى ، والابتعاد عن المعاصي ، داعيا المسلمين إلى التوبة إلى الله والندم والاستغفار والتوجه إليه سبحانه وتعالى. وقال سماحته: إن الله جل وعلا أعطى نبيه صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصارا ، وعندما يتدبره المسلم ويسمع شيئا من كلام الله أو شيئا من سنة نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام يرى في ذلك البيان الواضح والإعجاز العظيم وشمول خيري الدنيا والآخرة. وعرض سماحته لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه ( اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ) ، وقال : كلمة التقوى هي كلمة من جوامع الكلم ووصية الله للخلق أجمعين وترددت في القرآن لما فيها من الخير والصلاح ، وتقوى الله يبتغي منها العبد التقرب لربه ويعتقد فيها أن لا ملجأ من الله إلا إليه وأن له عليه المنة الكاملة . وأضاف سماحته قائلا : وفي الوصية الثانية في الحديث وهي إتباع الحسنة للسيئة فإذا زلت بالمؤمن قدمه ووقع في الخطأ ثم تاب وأناب وتقرب إلى الله جل وعلا بأعمال صالحة فهي تمحو الخطايا مع التوبة النصوح ، أما الوصية الثالثة وهي مخالقة الناس بخلق حسن فقد حدد الله للإنسان علاقته بالناس وهي معاملتهم بالأخلاق الفاضلة وبذل المعروف وكف الأذى ومقابلة السوء بالإحسان فليس بغاش لهم ولا خائن لأماناتهم ولا مفرقا بينهم بالسوء ولا يتستر على مجرم ولا يوري مفسدا ويعين على أمته بأي سبيل من سبل الشر . وحث سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ على المحافظة على فرائض الإسلام والتراحم فيما بين الناس والإحسان إلى الفقراء ومواساة المحتاجين وتفريج كرب المكروبين وهم المهمومين والسعي في التيسير على المعسرين. ولفت الانتباه إلى أن في إقامة صلاة الاستسقاء إحياء لسنة النبي صلى الله عليه وسلم إذا تأخر نزول المطر.وفي ختام خطبته سأل سماحته الله عز وجل أن يغيث البلاد والعباد وأن يسقيهم غيثاً هنيئاً مرئياً عاجلاً غير آجل نافعاً غير ضار.كما أقيمت صلاة الاستسقاء في عدد من الجوامع بمدينة الرياض وفي محافظات المنطقة ومراكزها.