تمثل (المخطوطات) قيمة أدبية وتاريخية وعلمية، حيث تعكس محتوياتها حضارة الأمة في شتى ضروب العلم والمعرفة، ولهذا فإن سائر المجتمعات الإنسانية تحرص على اقتناء المخطوطات والمحافظة عليها ، وتحقيقها ونشرها للاستفادة مما دون فيها من نتاج فكري لبناء حضارة مستمدة من ثوابت أصيلة تخلو من الإبداع. - وحين ننظر إلى معطيات تاريخ أمتنا العربية والاسلامية ، نجده زاخراً بالتراث (المخطوط) الحافظ لنتاج فترات زاهية كانت تمثل أعظم حضارات العالم ويتضح هذا من خلال تلك الإنجازات الحضارية الباهرة التي تمت في العصر العباسي وبالتحديد (القرن الرابع الهجري) والتي شملت مختلف المعارف (من علوم في الشريعة واللغة والأدب، والطب والرياضيات ، والفلك والصناعة والزراعة ..وغيرها). - ورغم تعرض تراثنا (المخطوط) لعاديات الزمن ، سواء بالحرق أو الغرق،أو تعمد ضياعها ، فإن الكثير لايزال محفوظاً في خزائن المكتسبات العربية والعالمية، وتحتاج البقية للمزيد من البحث لاعادتها إلى الموطن الأصلي بالشراء أو التصوير. | ولا شك أننا نلمس الجهود التي تبذلها المراكز والمؤسسات العلمية في المملكة العربية السعودية لجمع وحفظ المخطوطات النادرة وتسهيل وصولها للباحثين للاستفادة منها ، ومن أهم هذه المراكز : (دارة الملك عبدالعزيز ، ومكتبة الملك عبدالعزيز ، ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات ، ومكتبة الملك فهد الوطنية، والمكتبات العامة في مكةالمكرمة والمدينة المنورة، والمدن الأخرى). | يرى أحد الباحثين في هذا المجال: (أن الاحساس بتراثنا المخطوط هو احساس طبيعي بالماضي وحاجة الحاضر إليه ..ولعل أقل ما يحتاجه منا هذا التراث إنما يتمثل في العناية به ، وتمثله في واقعنا والعمل على جمعه والحفاظ عليه ونشره محققاً تحقيقاً علمياً يقربه من أذهان أجيالنا ويشدهم إليه...). - وإذا كانت هذه مهمة الأساتذة المختصين في التراث ..في الدرجة الأولى ، فإن المأمول من جامعاتنا ومراكز البحوث بها تشجيع الطلاب - خاصة في أقسام الدراسات العليا- على البحث العلمي للانطلاق بهمة وشوق للبحث عن المجهول والمعلوم من مخطوطاتنا المتناثرة بين المكتبات والمراكز العلمية في أرجاء العالم، واخراجها لتحقيقها ونشرها كي يستضاء بنورها في مجالات الحياة المتعددة. | ولابد من الاشادة بما تبذله (دارة الملك عبدالعزيز) من جهود كبيرة لجمع وحفظ وتحقيق الوثائق والمخطوطات ، وكم سرني ما جاء على لسان أمينها العام معالي الدكتور فهد بن عبدالله السماري في أمسية تكريمه باثنينية الشيخ الأديب عبدالمقصود محمد سعيد خوجه بتاريخ 8/5/1425ه الموافق 29/3/2004م ، حيث تحدث عن مشروع (توثيق المخطوطات الالكترونية) وقال: (بلا شك أن أي وثيقة سواء مخطوطة أو مكتوبة أو صوتية ..التوثيق الالكتروني لها مهم .. وبدأنا في هذا فأعددنا حوالي ست قواعد معلومات الكترونية للمخطوطات وللوثائق وللروايات الشفوية ولدينا قاعدة جديدة لتوثيق المقالات والبحوث الأجنبية باللغات المختلفة التي كتبت عن الجزيرة العربية ..الخ). | ولعل هذه الخدمات المتطورة تكون حافزاً لهمم الباحثين لخدمة تراثنا بالاطلاع عليه وتحقيقه ليستفيد منه جيلنا المعاصر والأجيال القادمة بإذن الله تعالى ، والله ولي التوفيق.