بمناسبة الزيارة الرسمية التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام لدولة قطر والتي استمرت لمدة ثلاثة أيام التقى خلالها سمو ولي العهد حفظه الله بأخيه سمو أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس الوزراء الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني نتج عنها فتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات بالإضافة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وما تلك الزيارة التاريخية التي قام بها سمو ولي العهد للدوحة حفظه الله إلا تأكيد على أواصر الأخوة والترابط والمصير المشترك وما اكتسبته تلك الزيارة من أهمية كبيرة في ظل التحديات المتلاحقة التي يشكل توافق البلدين عنصرا أساسيا لمواجهتها. فقد جاءت تلك الزيارة لتستوعب كل هذا الفهم للواقع الجغرافي والتاريخي لترسي المقومات الصحيحة لأسس علاقات تتجاوز مجرد المجاملات إلى حقائق ومتطلبات المستقبل واستعراض العلاقات الثنائية ودعم توجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وصاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بأن تكون الأهمية القصوى لكل ما يهم شعوب المنطقة وتلاقيها دائماً في كل ما من شأنه الخير والإخاء. فالمملكة باعتبارها الشقيقة الكبرى يهمها دائماً أن تجتمع شعوب الخليج وتتوحد لتحقيق الهدف السامي الذي قام من أجله مجلس التعاون كمؤسسة تدعم العلاقات التاريخية وتستثمرها نحو الأفضل وتقومها وتدعمها في إطار الروح العربية السائدة وما يجمع منطقة الخليج تحديداً من روابط ساعدت على أن تتميز بخصوصية إستراتيجية واقتصادية وسياسية تواجه التحديات والأطماع الإقليمية والدولية. فما تحظى به العلاقات السعودية القطرية باهتمام كبير ضمن توجه البلدين لتوثيق عرى الإخاء والعيش المشترك في ظل منظومة دول مجلس التعاون الخليجي وما تعنيه من ترابط يجمع أبناء الخليج في إطار ربما يتجاوز حدود الجوار ليتعمق إلى إخاء الشعبين الشقيقين في كل من المملكة وقطر وحرصهما على روابط الدم التاريخية وعلاقات الانصهار والود فما يجمع مواطني دول المجلس أكبر بكثير من أية مساحة للتنافر وما تحرص عليه قيادات مجلس التعاون أرقى كثيراً من محاولات الدس والوقيعة لأننا لا يمكن أن نتنازل عن جذورنا الضاربة في أعماق التاريخ أو أن نستبدلها فروابط الدم والتاريخ والعيش المشترك غير قابلة للنقاش. وهذا ما أكده سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظه الله في حديث سموه مع صحيفة الشرق القطرية مؤخراً حيث قال: (إن المملكة العربية السعودية وقطر دولتان شقيقتان جارتان والعلاقات بينهما علاقات تاريخية وتحكمها أواصر القربى والمصير المشترك شأنها في ذلك شأن العلاقات مع باقي دول مجلس التعاون. ما يربطنا بالشقيقة دولة قطر ليس وليد اليوم ولا نتاج ظروف طارئة وإنما هو تعبير حقيقي صادق يعكس عمق العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين على مدى عقود طويلة وقد أسهمت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأخيه صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر في تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات والعمل على إزالة كل ما قد يشوب العلاقات بينهما). وتابع سموه قائلاً:(عندما أكون شخصياً في الدوحة فأنا أشعر بأنني بين أهلي وإخواني فالقواسم المشتركة بين بلدينا وشعبينا هي أقوى من أي مؤثرات خارجية وعلاقتنا لم تنقطع مطلقاً). مؤكدا هذا سموه في تصريحه الصحافي عند وصوله الدوحة فقال: ( نحن على وفاق كامل ومن قال غير هذا فهو يريد الاصطياد في الماء العكر, وكلنا يد واحدة وأسرة واحدة ..). فما يربط المواطن السعودي بشقيقه القطري هو العقيدة واللغة والجوار والمصير المشترك والترابط الاجتماعي الكبير حيث يتطلع مواطنو دول المجلس الخليجي إلى التكامل السياسي والاقتصادي وان مدخل هذا التكامل يبدأ بتطوير العلاقات الثنائية بين دول المجلس باعتبار أن هذه العلاقات ستسهم بدورها في تطوير مسيرة المجلس وبالتالي تحقق وتنجز المشروعات التي يتبناها في مختلف المجالات وصولا لتكامل حقيقي. وما هذه الزيارة إلا اكبر دليل نحو عمق روابط الأخوة ووشائج الأسرة الواحدة التي تجمع بين البلدين والشعبين الشقيقين فقد جاءت لتعبر عن حكمة وقدرة القيادتين لكل ما من شأنه تعزيز التعاون الثنائي في كافة المجالات وان ثمارها ستجنيها مسيرة العمل المشترك لتحقق مزيدا من النماء والعطاء في مختلف الميادين باعتبار أن مثل هذه اللقاءات والزيارات الدورية المتبادلة تعمل على إزالة وتذليل المعوقات التي قد تواجه هذه العلاقات حتى تصبح نموذجا يحتذى به في المنطقة من حيث القوة والمتانة بما تمتاز به علاقة البلدين الشقيقين من خصوصية تمكنت من إحداث نقلة نوعية في مسيرتها شملت التعاون في جميع المجالات الأمر الذي كان نتاجه قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية ذلك المجلس الذي حقق للخليجيين في إطار العمل الخليجي المشترك على مدار مسيرته المباركة منذ انشائه في 25 مايو1981م الكثير من الإنجازات نحو مستقبل مشرق تتحقق فيه آمال وطموحات أبناء دول المجلس الخليجي. العلاقة التاريخية بين المملكة وقطر تزخر علاقة الرياضبالدوحة بكثير من صفحات البطولات والمواقف المشرفة التي يمتد تاريخها وجذورها إلى منتصف القرن التاسع عشر للميلاد فتعد تلك العلاقة نموذج يحتذى به في بناء العلاقات الدولية مما مكن القيادتين الرشيدة في كلا البلدين من ترجمة المفاهيم والقيم المستمدة من الدين الإسلامي إلى عمل موحد يشد بعضه بعضا كالبنيان المرصوص وهذا ما أدى إلى إرساء علاقات ثنائية متينة ومتميزة. ومع تأسيس الدولة السعودية الأولى التي امتد نفوذها ليشمل مناطق شاسعة ومتعددة من الخليج العربي ثم تميزت تلك العلاقة مع تأسيس الدولة السعودية الثانية في 5 شوال 1319ه علي يد الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله الذي استرد ملك آبائه وأجداده اتسمت العلاقات السعودية القطرية بتعزيز الحميمة والترابط والتعاون المشترك إبان عهد سمو الشيخ قاسم ابن محمد آل ثاني. وبعد وفاة الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله في الثاني من ربيع الأول عام 1373ه وتولي الملك سعود مقاليد الحكم حافظ رحمه الله على حرارة العلاقات الأخوية بين المملكة وقطر وظلت تلك العلاقات تزداد قوة ومتانة في عهد الملوك الميامين فيصل وخالد وفهد رحمهم الله تحظى باهتمام مشترك من قبل الرياضوالدوحة وأصبح التشاور والتنسيق سمة واضحة بين البلدين الشقيقين لتنسيق المواقف وتبادل الآراء حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ومن هذا المنطلق جاءت هذه الزيارة التاريخية التي تعد ترجمة حقيقية لخطوات عميقة تأصلت عملياً وعرف البلدان أن التجاذبات السياسية مهما كانت لا يمكن أن تكون بديلا عن مشاعر الأخوة والإخاء والاحترام المتبادل. فقد تطورت العلاقات الأخوية بين البلدين بفضل حرص قائدي البلدين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وصاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر الشقيقة وتوجيهاتهما المستمرة للجهات المختصة في البلدين الشقيقين بضرورة العمل على الارتقاء بهذه العلاقات في جميع المجالات باعتبارها تصب في مصلحة منطقة الخليج العربي بصفة خاصة والمنطقة العربية بصفة عامة بما يملكانه من مقومات سياسية واقتصادية كبيرة وروابط اجتماعية متميزة مما كان له أكبر الأثر في خدمة القضايا المصيرية للأمتين العربية والإسلامية إلى جانب الإسهام بكل فاعلية في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين ولا شك أن المملكة وقطر ماضيتان في طريقهما بخطوات واثقة ونظرة ثاقبة نحو مستقبل زاهر يحقق الأمن والرخاء للبلدين والشعبين الشقيقين.