تعد محافظة الطائف التي تقع على المنحدرات الشرقية لجبال السروات بين خطي عرض 20-22 درجة شمالا , وخطي طول 40-42 , وعلى ارتفاع ما بين 1700 إلى 2500 متر فوق سطح البحر بوابة مكةالمكرمةالشرقية حيث ترتبط بمكةالمكرمة بطريقين الأول عبر جبل كرا بطول 80 كيلو متراً تقريبا والثاني طريق السيل الكبير بطول يبلغ نحو 100 كيلومتر تقريباً. وتتفرد الطائف بأنها ملتقى للطرق الرئيسية القادمة من الجنوب والشمال والشرق والغرب وبالتالي هي درب من دروب الحج , حيث يعبر ضيوف الرحمن وهم في طريقهم إلى مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة لأداء مناسك الحج هذه المحافظة عبر طريق الرياض - الطائف للقادمين من الرياض والمنطقة الشرقية ودول مجلس التعاون الخليجي , وعبر طريق الجنوب للقادمين من جنوب المملكة واليمن وعند العودة بعد أداء فريضة الحج. ويهل الحاج أو المعتمر من أهل الطائف والقادم إليها بالحج والعمرة من مسجد ميقات قرن المنازل / السيل الكبير / شمال مدينة الطائف على بعد نحو 50 كيلومتر لمن أراد الوصول إلى مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة عبر طريق الطائف السيل , أو من مسجد ميقات قرن المنازل / وادي محرم الذي يقع في الشمال الغربي من مدينة الطائف بمحاذاة قرن المنازل بالسيل الكبير للراغبين في الوصول إلى مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة عبر طريق جبل كرا , عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم فقال : ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج أو العمرة فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها )). رواه البخاري ومسلم. وكانت رحلة الحج قديماً محفوفة بالمخاطر والمشقة وتستغرق وقتاً طويلا للوصول إلى البقاع المقدسة عبر الطائف حيث كان سفر الحاج لأداء النسك على ظهور الدواب لمن كان ميسور الحال , ومشياً على الأقدام لمن لا يستطيع تأمين راحلة. ويحرص أهل الحاج في ما مضى على توديعه لان احتمالات أن لا يعود مرة أخرى واردة وبشكل كبير نظراً لما كان سائدا في تلك العهود من فقدان الأمن بسبب الحروب , وتعديات القبائل على الطرق , وأعمال النهب والسلب والقتل وقطع الطرق , علاوة على ما كان يواجه الحاج من الجوع والعطش والكوارث الطبيعية والوحوش. ويقف درب المشاة الحجري الرابط الوحيد بين الطائفومكةالمكرمة قبل أكثر من ألف عام عبر جبل كرا الذي عملت الهيئة العامة للسياحة والآثار مؤخراً على إعادة تهيئته , حيث يمثل إرثا حضاريا وإنسانيا ذا قيمة تاريخية عظيمة كان يستخدمه المشاة في الحج للوصول إلى مكةالمكرمة اليوم شاهداً على المشقة التي كان الحاج يكابدها في القدم , وفي نفس الوقت وعلى مقربة منه الطريق الحديث الذي شق عبر الجبل بازدواجيته والذي يجسد ما نعيشه اليوم من نعمة الرخاء والأمن ورغد العيش بفضل من الله ثم بفضل اهتمام ورعاية حكومتنا الرشيدة منذ عهد الباني الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه وحتى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله . وأفاد المؤرخ والباحث عيسى بن علوي القصير، أن درب المشاة الحجري وهو ما يسمى بعقبة كرا هي ثنية بين مكةوالطائف عمّرها حسين بن سلامة وهو عبد نوبي لأبي الحسن بن زياد صاحب اليمن في سنة 430ه تقريبا ويمشي في عرضها ثلاثة جمال بأحمالها , مشيرا إلى أن العقبة تمثل مسيرة يوم للطالع من مكة ، ونصف يوم للهابط إليها. وبين أنه خلال هذه العهود من تاريخ الدولة السعودية الثالثة عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - بدأ عهد جديد في إعمار وتمهيد الطرق الرئيسية بين مدن المملكة ، لافتا في هذا الصدد إلى مشروع طريق كرا العملاق الذي يربط الطائف الهدا بمكةالمكرمة بعد أن كان الناس في ذلك الزمن القديم ينزلون عبر منحدر جبلي من الطائف إلى مكة وهو ما يعرف بالدرب الحجري أو الأثري أو درب الجمالة. ووصف المواطن حماد سلمان عابد البالغ من العمر 80 عاماً رحلة حجه الأولى برفقة والده قبل 70 عاماً بالرحلة المضنية الشاقة المحفوفة بالمخاطر , والتي استغرقت ثلاثة أيام من الطائف إلى مكةالمكرمة سيراً على الإقدام عبر درب المشاة بجبل كرا. وبين أن رحلة الحج اليوم أصبحت ميسرة وآمنة , حيث يصل الحاج إلى مكةالمكرمة من الطائف في مدة زمنية لا تتجاوز الساعة من عمر الزمن , ويجد احتياجاته على طول الطريق التي يسلكها الحاج بسيارته وصولاً إلى مكةالمكرمة. وقارن محمد حامد البعيجان الذي تجاوز عمره 90 سنه ما كان يجده الحاج في القدم من مصاعب تعترضه وهو في طريقه لأداء مناسك الحج إما مشياً على الأقدام أو على ظهور الدواب , وما أصبح عليه الحج اليوم من يسر وسهوله وأمن وأمان بفضل الله ثم بالاهتمام والرعاية الكبيرة التي توليها حكومتنا الرشيدة لخدمة قاصدي بيت الله الحرام بمكةالمكرمة ومسجد نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالمدينةالمنورة , داعياً الله تعالى أن يحفظ ولاة أمرنا وأن يديم علينا نعمه الكثيرة. ورأى المواطن سعد سعود الشهري 65 عاما أن رحلة الحج أضحت اليوم رحلة مسلية بالنسبة لما كان عليه الحال في الماضي من رحلة قاسية وغاية في الصعوبة ، تحفها المخاطر حيث غدت اليوم رحلة يتشوق لها الحاج لسهولتها ويسرها وتوفر الإمكانات ووسائل النقل المختلفة ويجسدها كثافة أعداد الحجاج القادمين إلى الأراضي المقدسة من مختلف بقاع العالم. وفيما تستقبل الطائف هذه الأيام ضيوف الرحمن وهم في طريقهم إلى مكةالمكرمة لأداء مناسك الحج , أوضح محافظ الطائف فهد بن عبدالعزيز بن معمر أنه بناءً على توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية القاضية فقد أنهت جميع الجهات الحكومية المعنية استعداداتها لاستقبال ضيوف الرحمن وتقديم الخدمات التي يحتاجونها ليتمكنوا من أداء مناسكهم بكل يسر وسهوله. وأشار معاليه إلى جاهزية ميقاتي السيل الكبير ووادي محرم لاستقبال الحجاج , حيث استكملت جميع الاستعدادات والترتيبات من قبل الجهات المعنية بتقديم الخدمات لضيوف الرحمن , منوها بالاهتمام والرعاية والعناية التي توليها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله لحجاج بيت الله الحرام في سبيل أداء مناسكهم بكل يسر وطمأنينة , سائلاً الله تعالى أن يتقبل من الحجاج حجهم وأن يعودوا إلى أهلهم سالمين غانمين , وأن يحفظ لهذه البلاد قادتها , وأن يديم عليها نعمة الأمن والرخاء والاستقرار.