مكة المكرمة مهبط الوحي وفيها بيت الله الحرام وقبلة المسلمين في مشرق الأرض ومغربها وفيها المشاعر المقدسة التي يؤدي فيها المسلمون شعائر الحج في كل عام ، والمدينة المنورة موطن الهجرة النبوية وموقع مسجد الرسول محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم. وكما قال عليه أفضل الصلاة والسلام (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد بيت الله الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا). ولذلك ومنذ بداية تأسيس المملكة العربية السعودية وحتى العهد الحاضر تولي الحكومة الرشيدة عناية خاصة بشئون المدينتين المقدستين والحرمين الشريفين حيث تعاقبت مشاريع التوسعات الرائدة في مساحات الحرمين الشريفين مما وفر الراحة البدنية والنفسية لجموع الحجاج والمعتمرين وزوار المسجد النبوي. وجهود الدولة وبذلها السخي في التطوير والإصلاح في المدينتين المقدستين والحرمين الشريفين يتواصل بكل عزم واهتمام. ومما يذكر ويشكر لهذه الدولة المعطاءة وقادتها المصلحين انشاء الرئاسة العامة لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي ، وتوفير كل ما تحتاجه من امكانيات ، واسناد إدارتها والقيام بدورها في خدمة الحرمين إلى رجال أكفاء مخلصين للواجب الديني والوطني، وقد تعاقب على هذا المنصب الموقر عدد من العلماء الاجلاء من ذوي الخبرة والكفاءة الإدارية. وكان آخرهم معالي الشيخ صالح الحصين أثابه الله على ما بذله من جهود مخلصة في هذا المجال المبارك. وقد كان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملهماً وموفقاً في حسن اختيار من يراه الأنسب لهذا المنصب الحيوي المهم حيث صدر الأمر الملكي بتعيين فضيلة الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس رئيساً عاماً لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي بمرتبة وزير. وقد كان لهذا الاختيار الموفق أحسن الأثر في نفوس من يقدرون مكانة الشيخ الجليل عبدالرحمن السديس وعلمه الغزير وفكره المستنير وقد برزت مزاياه ومقومات شخصيته المحببة منذ أن أكرمه الله بفضل إمامة الصلاة بالحرم المكي الشريف ، وكان له حضوره وتأثيره في نفوس المؤمنين بحسن تلاوة القرآ?ن الكريم في أداء الصلاة ، وأسلوبه الشائق وعمق مضامين خطبه المنبرية في أيام الجمعة ، والتي تدعو إلى ترسيخ القيم الدينية والاجتماعية. وهو مثال يحتذى في مجال الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ولاشك أن المدة الطويلة التي أمضاها فضيلة الشيخ عبدالرحمن السديس في إمامة المصلين في المسجد الحرام جعلته يتابع عن قرب ويعرف الكثير من الخطوات والممارسات العلمية ضمن جهاز الرئاسة العامة لشئون الحرم المكي والمسجد النبوي ، وهذه الخبرة ستتيح له تحقيق ما يرجوه ، وما يؤمل فيه من الخير والتنظيم والاصلاح فنبارك لفضيلته بالثقة الغالية وندعو الله أن يسدد على دروب الخير خطاه.