بداية أقول حقاً انها دعوة جادة من الملك عبدالله للانتقال من مرحلة (التعاون) الى مرحلة (الاتحاد) وبكل صراحة ووضوح اعلن الملك عبدالله بل واطلق صوت المسؤولية حين قال في كلمته الافتتاحية لمؤتمر قمة مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في الرياض الاسبوع الماضي حيث قال حفظه الله بالحرف الواحد : (علينا ان نتجاوز مرحلة التعاون الى مرحلة الاتحاد وفي كيان واحد يحقق الخير ويدفع الشر). اذن كلمة قيمة وموضوعية جعلت نور الاتحاد يسطع من الرياض مدينة القيادة والريادة السياسية على امتداد الساحة الاقليمية والعالمية. لقد جاء صوت المسؤولية الذي اطلقه الملك عبدالله معبراً عن مصالح الامة الخليجية وقضاياها الحيوية، وهي حقيقة لا تقبل الجدل او الابتكار لانها ساطعة كالشمس في رابعة النهار. لذلك اقول وبكل صدق وامانة ان دعوة الملك عبدالله الانتقال من مرحلة (التعاون) الى مرحلة (الاتحاد) ستكون ترجمة لنظرة ثاقبة تروى .. بل تُدرس.. وحديثاً على كل لسان خليجي.. بل على لسان كل انسان موضوعي عولمي على امتداد القارات المترامية الاطراف التي اصبحت تتشكل وتتكتل في اتحادات دولية كالاتحاد الاوروبي على سبيل المثال لا الحصر. حقاً انها دعوة جادة للتكتل الاقتصادي الخليجي عبر قيام الاتحاد الذي يهدف اساساً الى ضرورة التنسيق فيما بين دول الخليج الست، وصولاً الى مرحلة الاتحاد الكاملة فيما بينها ليس فقط بهدف مواجهة التحديات الاقليمية والدولية التي تقاومها دول الخليج الست، ولكن لأن الامة الخليجية تكاد تكون هي الامة الوحيدة بين الامم التي لم يجمعها اي تكتل محدد يمكنها من بلوغ الحد الأدنى من التكامل، والتفاوض الجماعي مع التكتلات والاتحادات العالمية الاخرى. لذلك حرص الملك عبدالله في خطابه على نهج دبلوماسيه المسؤولية بهدف تعظيم وسائل تحقيق اهداف تقدم وتطور المجتمع الخليجي، ومن هنا جاءت حكمة الملك عبدالله رسالة موجهة الى القادة الخليجيين بالرياض بان الانتقال من مرحلة (التعاون) الى مرحلة (الاتحاد) هدف استراتيجي الذي سوف يرشح الدول الست ? كمنطقة اقليمية ?? لتكون منطقة تكامل اقتصادي متبادل بين الدول الست ثم مع التكتلات العالمية الاخرى مما يجعلها قوة اقتصادية صاعدة ولاعباً رئيسياً في صياغة خطط واهداف النظام العالمي الحالي كما فعل ذلك التكتل الاوروبي، وتكتل الاسيان وغيرها من التكتلات العالمية. والحق يقال فان رؤية الملك عبدالله يقول لنا انه اصبح لا بديل من التحول الى مرحلة (الاتحاد) اذا اتحد الخليجيون ان يكون لهم مكان تحت الشمس وسط النظام العالمي الذي يعتمد اساساً على مناطق التكتل والتكامل الاقتصادي والمناطق التجارية الحرة المفتوحة على عدد من الدول تجمعها مصالح وسياسات متشابهة. واذا كان في العالم كله منطقة تستحق ان تأخذ بزمام المبادرة في قيام (اتحاد) وان يكون لها دور بارز في تشكيل النظام العالمي التنافسي بما فيه من تكتلات واتحادات اقتصادية، فهذه المنطقة لابد ان تكون المنطقة الخليجية بما لها من تاريخ وتراث وثقافة مشتركة وموارد بترولية ضخمة ومما لها من تحديات مستقبلية مصيرية واحدة وبما لها من حاضر ارادة شعبية خليجية على مستوى الوطن الخليجي كله نؤكد ضرورة الانتقال من مرحلة (التعاون) الى مرحلة (الاتحاد) كخطوة أساسية نحو التكامل السياسي والتضامن الخليجي الذي يعتمد على المصالح المشتركة للدول الخليجية الست. بوضوح شديد اقول ان قيام اتحاد بين دول الخليج الست امر مهم بل انها فكرة مهمة وضرورية ويجب تكثيف الجهود من اجل ان ترى النور. ان هذه المبادرة يجب ان تزال من امامها المعوقات وتوظف لها كل طاقات ومقومات النجاح، ويجب الاستفادة الكاملة من تجارب الاتحادات والتكتلات العالمية، مما حملته من ايجابيات سوف تسهم بكل تأكيد في تسهيل المهمة، وتجنب الاخفاقات. اريد ان اقول بصراحة ان التحول والانتقال الى مرحلة (الاتحاد) وتحقيقه يتم من خلال رؤية سياسية واعية تستشرف آفاق المستبقل وتحدياته وتعمل على تعويض ما فاتنا من سنوات دون حدوث اي تقدم على طريق انشاء سوق خليجية مشتركة، اي تكتل خليجي.. او مولد نمر خليجي مثل ما حدث في البرازيل وماليزيا والهند. ومادمنا نتحدث عن تحديات بالغة الشراسة امام قيام (الاتحاد الخليجي) وانها لم تعد خافية علينا في مسيرتنا في مرحلة (التعاون) فلست اظن انه يمكن ان تغيب عن ذهن احدنا، اننا مطالبون وبأسرع ما يمكن بأن نعمل على تضييق الفجوة العلمية والتكنولوجية بيننا وبين العالم المتقدم، وذلك امر يحتاج الى احتشاد خليجي وراء استراتيجية تنتقل بالأمة الخليجية من غيبوبة الانبهار بالقدرة على استيعاب وتشغيل التكنولوجيا الى مشقة البحث والاجتهاد من اجل ان نكون طرفاً مشاركاً في صنع وصيانة هذه التكنولوجية المتطورة. من هنا فليس من الغريب ان نتساءل ما اهمية التحول من مرحلة (التعاون) الى مرحلة (الاتحاد)؟ بداية القول ان الاتحاد الخليجي يعتبر خطوة هامة يشمل جميع دول مجلس التعاون الست ولاشك ان قيام الاتحاد فيما بينها سيؤدي الى قيام تكتل اقتصادي او مولد نمر خليجي مما سوف يساهم في تنمية الحركة التجارية وتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول الاتحاد الست. ان الاسراع في خطوات الانتقال الى مرحلة (الاتحاد) سيؤدي حتماً الى قيام السوق الخليجية المشتركة، كما سيمهد الطريق امام استثمار الامكانات والموارد بأفضل اسلوب في كل دول الخليج الست من خلال مشروعات مشتركة، واستثمار العلماء والخبرات الخليجية بدلاً من تسربهم الى خارج منطقة الخليج، والتوسع في تدريب العمالة الخليجية بأرقى مستوى ودعوة رجال الأعمال الى تطوير انفسهم وتوسيع مداركهم لتطبيق البحث العلمي والاسهام في التنمية التكنولوجية، وتشكيل كيانات كبيرة قادرة على مواجهة الشركات العملاقة. خلاصة فان دعوة الملك عبدالله بالانتقال من مرحلة (التعاون) الى مرحلة اكثر قوة (الاتحاد) اذ تعود منفعته على كل خليجي.. وان الاتحاد سيكون وسيلة اقوى تجعل منطقة الخليج العربي قوة اقتصادية صاعدة ولاعباً رئيسياً في صياغة النظام العالمي الجديد الذي يقوم على ازالة الحواجز الزمانية والمكانية امام التجارة بين الدول.