أكد عدد من الاقتصاديين وأصحاب الأعمال أن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية للانتقال من التعاون إلى الاتحاد في كيان واحد، سيكون لها انعكاساتها على الاقتصاد الخليجي وتحوله إلى قوة ضاربة، خصوصا أن تقارير إدارة الإحصاء في الأمانة العامة، التي نشرت عشية قمة الرياض الخليجية، التي عقدت أمس الأول، تشير إلى أن السوق الخليجية المشتركة آخذة في التمدد واحتلال موقعها البارز من خلال ارتكازها على قاعدة سكانية بحجم 45 مليون نسمة، وناتج قومي تجاوز الترليون دولار العام 2010، وتجارة خارجية اقتربت من 900 مليار دولار. صناعة خليجية متكاملة في البداية رأى عضو اللجنة الصناعية في الغرفة التجارية الصناعية في جدة خلف هوصان العتيبي أن اقتصادا بهذا الحجم لابد أن يحقق نموا كبيرا، خصوصا إذا ما حصل التكامل بين أصحاب الأعمال في الدول الست، للوصول إلى إنتاج صناعة خليجية متكاملة موحدة ذات مواصفات وجودة عالية تحتل مكانتها في السوق العالمية. وأضاف أن قيام السوق الخليجية كان لها الأثر الإيجابي على حجم التجارة البينية الذي قفز من 15 مليار دولار العام 2002 إلى حوالى 65 مليار دولار العام 2010، وهي زيادة كبيرة بعدما كانت ستة مليارات دولار العام 1984. وأشار إلى ضرورة أن يكتمل هذا الاتحاد بإنجاز الاتحاد الجمركي الذي كنا نأمل أن يبدأ العمل به في العام 2012. رؤية استراتيجية قال الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين إن دعوة خادم الحرمين الشريفين لإخوانه قادة الدول الخليجية لتجاوز مرحلة التعاون إلى الاتحاد في كيان واحد، لم تكن مفاجأة لمن عرف الملك عبدالله عن قرب، وعلم بحجم ما يحمل في قلبه من نصح لأمته، وأطلع على رؤيته الاستراتيجية للمنطقة. وأوضح أن الملك عبدالله أشار في أكثر من مناسبة إلى الأخطار التي تحيط بدول الخليج، ودعا إلى تكاتف الجميع لتوفير الحماية الأمنية، وتحقيق الرؤية السياسية الموحدة، إضافة إلى التوسع في تحقيق هدف التكامل الاقتصادي. وأضاف أعتقد أن دول الخليج مقبلة على نقلة نوعية في علاقاتها السياسية والأمنية والاقتصادية وربما كانت دعوة الملك عبدالله والردود الإيجابية من قادة دول الخليج بداية النقلة المباركة التي ستحدث التغيير الأكبر في علاقات دول الخليج في ما بينها من جهة وعلاقاتها بالمجتمع الدولي من جهة أخرى. مشددا على أن ما يحدث في العالم اليوم لا يمكن لأي دولة منفردة التعامل معه بسهولة، كما أن مجلس التعاون الخليجي وبآليته الحالية، ربما كان أقل قدرة على التعامل مع المتغيرات الدولية بكفاءة، وهو ما يقودنا إلى المرحلة الثانية والأهم من عمر مجلس التعاون وهي مرحلة الاتحاد. الاتحاد الخليجي سيوحد الكلمة في جهة واحدة ممثلة لجميع الدول الخليجية وهذا سيحد من التناقضات التي تستغلها بعض الدول للضغط على دول الخليج، أو محاولة التفريق بينها لأهداف خاصة وأضرب مثلا بالاتحاد الأوروبي الذي استطاع أن يجمع قوى الدول الأوروبية المتفرقة في قوة واحدة تمثلت في الاتحاد الأوروبي، ما شكل قطبا دوليا قادرا على إحداث التأثير الأكبر في المجتمع الدولي إضافة إلى ما يحققه من قوة ومنعة وحماية وتنمية لدول الاتحاد، عندما تكون لدينا مفوضية للاتحاد الخليجي تتحدث باسم جميع دول المنطقة فذاك يعني مزيدا من القوة السياسية والأمنية والاقتصادية وسيساعد على حصول دول الخليج ككتلة واحدة على حقوقها كاملة غير منقوصة من المجتمع الدولي فالغلبة تكون دائما للاتحادات لا الدول. ورأى أن الاتحاد يعني قدرة الأعضاء على خلق القرار الخليجي الموحد بأسلوب ديموقراطي ملزم للجميع، والاتفاق على وحدة المصير، ورسم الاستراتيجيات المحققة لأهداف دول المنطقة بشكل جماعي بعدما فقدت الكثير من جهودها لأسباب تنظيمية صرفة. وأعرب عن اعتقاده بأن مجلس التعاون الخليجي وصل إلى مرحلة التغيير الحتمي، فثلاثون عاما من العطاء كفيلة بإحداث التغيير الأكبر المتوافق مع متطلبات العصر، للوصول إلى النموذج المشترك الذي يحقق أمن واستقرار وأهداف دول المنطقة من جهة ويتوافق أيضا مع متطلبات العصر الحديث الذي تسيطر عليه الكيانات والاتحادات القوية لا الدول الضعيفة. إنعكاسات إيجابية من جانبه، قال رجل الأعمال عبد الرحمن الغامدي إن دعوة خادم الحرمين الشريفين، لاقت ترحيبا من رؤساء دول الخليج، مؤكدا أن ما أشار إليه الملك عبدالله من أن دول الخليج مستهدفة ويستدعى أن تتجاوز دول الخليج هذه المرحلة إلى مرحلة التعاون لما تحمل هذه النقلة من انعكاسات إيجابية تصب في مصلحة دول مجلس التعاون الخليجي من مختلف النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها من الجوانب التي تمس حياة المواطن الخليجي. وقال أن المرحلة المقبلة تتطلب تكاتف الجهود بين دول المجلس حتى تكون قادرة على مواجهة التحديات والعقبات والمسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقها. وأضاف أن دول مجلس التعاون مدعوة للعمل بشكل جاد نحو تفعيل هذه المبادرة وجعلها حقيقة ملموسة على أرض الواقع لأنها تعد مطلبا رئيسيا عند مواطني دول الخليج، لأن الاتحاد بينهم حلم يتطلعون إلى تحقيقه في أقرب وقت ممكن، كونه يحول دول المنطقة إلى قوة اقتصادية ضاربة ومؤثرة جدا في الاقتصاد العالمي. عهد جديد أما رجل الأعمال أحمد البيتي فقال إن الدعوة إلى تجاوز مرحلة التعاون إلى الاتحاد في كيان واحد، وجدت صدى إيجابيا واسعا من قبل الشعوب الخليجية، لما لها من إيجابيات عديدة، مشيرا إلى أن هذه المبادرة تعد لبنة أولى نحو تأسيس قاعدة قوية لدول مجلس التعاون الخليجي للانتقال إلى مصاف الدول المتقدمة، لاسيما أن هناك مقومات موجودة ومتوفرة تجمع بين دول الخليج اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا وغير ذلك. واعتبر أن دعوة الملك تعد نواة أولى نحو عهد جديد لدول المجلس يحمل كل الخير لمواطنيها، مؤكدا أن هذه الدعوة تمثل بداية حقيقية لإنشاء الكيان الموحد والقوي الذي يتطلع إليه كل مواطني المنطقة، مشيرا إلى أننا نتطلع إلى اتحاد حقيقي يلبي كل الرغبات والتطلعات. ملك المبادرات من جانبه قال رجل الأعمال جمال يماني إن خادم الحرمين الشريفين هو ملك المبادرات الناجحة، الذي نجح بحكمته وحنكته في وضع المملكة في مصاف الدول الكبرى، مشيرا إلى مشاركة المملكة بقيادته في مجموعة دول العشرين، دليل على رفعة مكانة المملكة في منظومة الاقتصاد العالمي، الأمر الذي كان له الأثر الفعال في حل الأ زمة المالية العالمية. وأضاف أن دعوة الملك عبدالله دول الخليج العربي للتحول من التعاون إلى الاتحاد، ستحول دول الخليج العربي إلى كيان اقتصادي واحد قوي ومنتج ومتفاعل مع الاقتصاد العالمي، وهذا الأمر سينمي حجم الصادرات الخليجية. وطالب بإزالة العقبات التي ما زالت تحول دون استكمال متطلبات الوضع النهائي للاتحاد الجمركي الخليجي، تمهيدا لإعلان بدء العمل به الأمر الذي سيكون له انعكاساته الكبيرة على التجارة البينية بين دول المنطقة. تحولات متسارعة أما الدكتور مقبل الذكير أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز فقال إن مجلس التعاون الخليجي عندما أنشئ قبل ثلاثين عاما، أرسى دعائم مختلف أشكال التعاون بين الدول الأعضاء سواء اقتصادية أوسياسية أو اجتماعية، مشيرا إلى أن الجهد كان منصبا وقتها على التعاون العسكري بين الدول الأعضاء، استنادا إلى ما شهدته المنطقة آنذاك من نشوب الحرب بين العراق وإيران، ولكن عقب انتهاء الحرب، بدأ التركيز على الجوانب الاقتصادية مثل الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة والوحدة النقدية، وهي التي أرجئت إلى أجل غير مسمى. وأضاف أن التحديات اختلفت اليوم عما كانت في الفترة الماضية، فالمنطقة تشهد تحولات متسارعة ما يحتم على الجميع التفاعل معها، منوها بدعوة خادم الحرمين الشريفين للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد، تنسجم مع معطيات وتطورات المرحلة التنموية والاقتصادية التي تجتاح الساحة في المنطقة ولاشك أنها جاءت في وقتها. وأكد رجل الأعمال والاقتصادي محمد يوسف الناغي أن دعوة الملك عبدالله تاريخية بامتياز وتنسجم مع معطيات وتطورات المرحلة التنموية والاقتصادية التي تجتاح الساحة في المنطقة، مشددا على أن دول المنطقة حريصة على تحقيق دعوة خادم الحرمين الشريفين، منوها بجهوده وبما ورد في كلمته المهمة خلال القمة والتي تجسد حرصه على تلمس احتياجات الشعب الخليجي وتحقيق رخائه وأهمية نقل دول المجلس الست من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد برؤية جديدة تسهم في توحيد السياسات الاقتصادية والخارجية لدول المجلس وتواكب تحديات المرحلة المقبلة وأبعادها. مواجهة التحديات من جانبه، قال عبدالخالق سعيد عضو مجلس إدارة غرفة جدة إن دعوة خادم الحرمين الشريفين لقادة دول المجلس للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد تمثل خطوة إيجابية تتناسب مع الفترة التي تشهدها دول المنطقة وتعزز من قدراتها وتطلعاتها المستقبلية. وأضاف أن العالم يتجه إلى التكتلات والاندماجات بين الدول والدخول في تحالفات استراتيجية في كيانات موحدة وقوية قادرة على مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة، تتطلب مواكبتها أول بأول وتستدعي اليقظة ووحدة الصف والكلمة، معتبرا أن كلمة خادم الحرمين الشريفين في قمة الرياض تمثل ميثاقا هاما للمنطقة لما تحمله من مضامين حيوية ومهمة. واعتبر أن مرور 30 عاما على مجلس التعاون الخليجي أفرز الكثير من التحديات والمعطيات، ما يتطلب تجاوزها والعمل سويا على الانتقال نحو التكامل والاندماج بما تمليه التطورات.