دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن العزيز حفظه الله دول مجلس التعاون الخليجي للانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد تعد أهم مبادرة في تاريخ المجلس بعد تاسيسه قبل ثلاثين عاما فهي تاتي بمرحلة مفصلية من تاريخ المنطقة حيث يحيط بدول المجلس حالة عربية وإقليمية غير مستقرة فالتغيرات طالت ثلاث دول عربية أبرزها مصر فيما دخلت اليمن الجار الجنوبي لدول المجلس مرحلة انتقال السلطة بعد جهود خليجية مضنية خلال الأشهر الماضية بمبادرة منها فيما تعيش سوريا حالة اضطراب شديد هذا بخلاف الوضع المتازم داخل الأراضي الفلسطينية وكذلك الحالة الإيرانية المتعددة الجوانب بتأثيراتها فيما جاء الخروج الأمريكي من العراق ليشكل منعطفا كبيرا في اختبار قدرة العراق على إدارة شئونه بنفسه تأتي كل هذه التطورات لتكمل مع الأزمة الاقتصادية العالمية جبلا من التحديات أمام دول الخليج العربي التي تمد العالم بما يقارب ربع احتياجه من النفط والغاز وتملك وفورات مالية كبيرة وقد أظهرت دول المجلس مناعة ضد الأزمات المالية المتعاقبة خلال ثلاث سنوات من أميركا إلى أوروبا لكن ذلك لا يعني أن المخاطر انتهت فالاضطرابات بالمنطقة مازالت قائمة وتحركات من يحاولون العبث بأمن منطقتنا بدت جلية وواضحة خصوصا ما حدث بمملكة البحرين وقد استطاعت دول المجلس احتواء هذا العبث بتعاونها مع البحرين هذا بخلاف الخطر الاقتصادي العالمي الذي فيما لو وصل لمرحلة الكساد الصريح فإن الآثار السلبية ستطال دول المجلس بانخفاض مواردها وقد يؤثر على خططها التنموية واستثماراتها الخارجية فكل هذه المدلولات والتطورات العالمية بالاتجاه نحو بناء تكتلات عالمية قوية وتعزيز القائم منها تفرض على دول المجلس التفكير بالانتقال إلى مرحلة اتحادية تسهم بتعزيز أمن دول الخليج وتقوية دوره الإقليمي والعالمي فمقومات القوة موجودة وتحتاج إلى توظيف صحيح لكي يكون كيانا رئيسيا عالميا فثروة الطاقة من النفط والغاز والملاءة المالية وجاذبية الاستثمار بمنطقتنا لا تحتاج إلى شرح وتوضيح بل إن دول الخليج أصبحت محطة رئيسية للدول التي تعاني أزمات مالية لطلب مساعدتها للمساهمه بحل أزمتها لكن دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى في تنفيذ كل القرارت المتخذة سابقا لتعزيز اتحادها وخصوصا الاقتصادية كالسوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي والنقدي والشروع بتاسيس الكيانات التي تشرف على تحويلها لواقع خلال مدد زمنية محددة وكذلك العمل على تقوية أسواق المنطقة بتأسيس سوق مالية خليجية لما لها من آثار إيجابية على توسيع سوق التمويل أمام الشركات والمستثمرين وحتى إنشاء وكالة تصنيف ائتماني خليجية تنافس الكبرى عالميا والاستفادة من المزايا الخاصة بكل دولة لإيجاد التكامل الاقتصادي الخليجي والتغلب على التحديات التقليدية التي لم تعالج إلى الآن كتأثير تقلبات الدولار الذي ترتبط به كل دول المجلس وآثار التضخم على اقتصاديات الخليج وملف البطالة الذي تعاني منه أغلب دول المجلس والأمن الغذائي وضرورة توسيع الإنتاج الخليجي حيث تستورد دول الخليج جل احتياجاتها من الخارج وكذلك اتفاقيات الشراكة الاقتصادية التي تحتاج إلى مواجهة جماعية لتلك التكتلات والكيانات الاقتصادية الكبرى عالميا كأميركا وأوروبا والصين لحماية الصناعات الإستراتيجية الخليجية خصوصا البتروكيماويات. الدعوة السعودية للتحول للاتحاد الخليجي بدلا من البقاء في مربع التعاون خطوة بالاتجاه الصحيح كل الظروف تساعد على تحولها لواقع يعكس قوة عربية خليجية تشكل صمام الأمان للمنطقة والعالم العربي بل والإسلامي والترحيب الخليجي فورا بها يبعث الأمل في أن يرى أبناء الخليج كيانهم الموحد في وقت قريب وقصير.