تعد قضية المعايير المهنيّة في أداء وسائل الإعلام أحد أبرز الأسس المحرّكة لتحقيق النجاح وتحقيق التأثير المطلوب، وغيابها يؤدي غالباً إلى المشكلات وضعف الأداء وبالتالي ضعف التأثير. وغالباّ ما يجري الخلط لدى الكثير من العاملين في وسائل الإعلام المختلفة في التفريق بينها وبين القيم المهنيّة، رغم أن المعايير المهنيّة في الواقع تشكّل الجانب التطبيقي السلوكي للقيم المهنيّة ؛ فالمعيار هو أسلوب وأساس عملي لتنفيذ الأداء يستحضر الصحفي من خلاله القيمة المهنيّة، وذلك لأن القيمة منتج فكري فيما المعيار أسلوب تطبيق وسلوك عملي لتحقيق القيمة والقيم عموماً. ومن الأمثلة التطبيقيّة على ذلك تحقيق قيمة الموضوعية عند المصوّر التلفزيوني ؛ فهو يسعى بكاميرته ليحقّقها وفق معايير التصوير التي يطبّقها أثناء تصويره لمناسبة أو حدث ما ، كاختيار نوع اللقطات التي يصوّرها واختيار زوايا التصوير وتسليط الضوء على مشاهد دون غيرها والتركيز والتكرار في اللقطات بحثاً عن ما يبرز قيمة الموضوعية ويظهرها في مشاهده التي يلتقطها وينقلها للجمهور. وهكذا يعمل كل إعلامي في تخصصه وميدانه الذي يؤدي من خلاله وفق معاييره المهنيّة التي تتبنّاها مؤسسته ويسعى لتنفيذها لتبرز قيمة الموضوعيّة في أدائه وما ينتجه من نصوص أو قوالب فيلمية أو فنية وهكذا الحال مع بقيّة القيم كالمصداقية والتوازن وغيرها من القيم المهنيّة المنظّمة لأدائه. ولهذا فإن الإعلامي سيحقّق النجاح والتأثير في جمهور المتلقين لرسائله وأعماله التي يخاطبهم من خلالها بقدر التزامه بالمعايير المهنيّة التطبيقية التي يلتزم بها ويرسّخها خلال أدائه المنتظم ويطوّرها حسب مستجدات التقنية والوسائل المساندة. وهنا تأتي أهميّة توثيق المعايير المهنيّة وترسيخها وتطويرها ووضعها بشكل مكتوب كدليل أو أسلوب عملي للتنفيذ والتطبيق الفعلي عبر مجالات العمل الإعلامي المختلفة بحسب تخصّص الإعلاميين ومجالاتهم التي يؤدون من خلالها ويبدعون.