قبل سنوات، انتقدْتُ أمانة جدّة لخلوّ أنفاق الشوارع من أنظمة حضارية لتصريف الأمطار ب»خفاء» غير المضخّات المُتنقّلة التي ما زالت موجودة بجانب الأنفاق!. وبالأمس، هطلت «شُويّة» أمطار، ورأيت الإغلاق الاحترازي للأنفاق واستمرارية الاعتماد على المضخّات، ممّا يعني أنّ المشكلة لم تُحلّ رغم انقضاء السنين!. وبعد تفكير عميق، اكتشفْتُ أنّ الأمانة تفعل ذلك لهدف عظيم، هو تعليم مبادئ الهندسة الميكانيكية لطُلّاب الجامعات، وفي ساعة واحدة فقط تشرح لهم ما يشرحه البروفيسور الجامعي في سنوات، مثل آلية شفط المضخّات للمياه من الأنفاق بقوّة الطرد المركزية دون أن تطرد طالبًا بليدًا كما يفعل البروفيسور، فضلاً عن كيفية ضخّ المياه المشفوطة والأشياء المائعة مثل التراب والأوساخ بطاقة التدفق إلى الصهاريج أو إلى الشوارع المجاورة، وهذا تسخير للهندسة لأجل النظافة وإنشاء مسابح شوارعية يتعلّم فيها أبناؤنا كي يهدونا ميداليات في الأولمبياد، ووسيلة قياس ضغط المياه باستخدام وحدة الطاقة المعروفة ب «الحصان»، وفي هذا تشجيع لرياضة الفروسية الأصيلة، وطريقة قياس معامل الاحتكاك بين المياه وبين الأنابيب، مع ضرورة إصلاح ذات بينهم، فالاحتكاك يؤدّي للمضاربات التي تؤدّي للجنايات التي تؤدّي للقصاص، وتعلّمهم كذلك نوع دهان المضخّات الذي يحميها من الصدأ، وسرّ تنوّع ألوانه، وهو تسهيل تكنية الأنفاق، فيُقال النفق أبومضخّة حمراء أو النفق أبو مضخّة زرقاء، الخ !. وهكذا تُغنينا الأمانة عن الجامعات التي سيهجرها الطُلّاب، وستخوي على عروشها، وتُغلِق أبوابَها، ويتقاعد بروفيسوراتُها، وحقاً مع الأمانة بلاش جامعات!. لهذا أعتذر لأمانة جدّة عن انتقادي السابق كما اعتذر نزار قبّاني فقال: أقدّم أصدق اعتذار.. عن الانتقادات التي كتبتُها.. عن الحماقات التي ارتكبتُها.. عن كلّ ما أثرتُه من عواصف وغُبار!. @T_algashgari [email protected]