شهدت العاصمة السعودية الرياض على مدى الأسبوعين الماضيين حراكاً دبلوماسياً إقليمياً وعالمياً يكاد يكون غير مسبوق ضمن إطار زمني محدود يهدف إلى رسم أدوار جديدة للمملكة أكبر وأوسع نطاقاً وأجدر بثقلها في العالم الإسلامي بل وعلى مستوى العالم و تعكس رؤية خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز المبنية على مسلمات السياسة السعودية وعلى قراءة الواقع الجديد للمنطقة والعالم الذي أصبح يمور بالمستجدات والتحديات ، وتقاطرت الوفود للقاء الملك سلمان والاستماع إلى طروحاته الهادفة لجمع الكلمة ورأب الصدع فيما بين العديد من قيادات البلاد العربية و الإسلامية وتبني رؤية جديدة تهدف إلى صناعة ريادة الأمة من جديد في عالم تجد فيه مع كل إشراقة شمس تحديات كبرى . من الشخصيات الهامة التي زارت المملكة ضمن الإطار المشار إليه أعلاه الرئيس التركي السيد رجب طيب أردوغان والذي لقي كل احترام وتقدير رسمي وشعبي أثناء الزيارة لما له من توجهات مشكورة في خدمة الإسلام والمسلمين وقد سبق أن كرّمه الراحل الكبير خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله ومنحه جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام والمسلمين لعام 2010 م. ان مثل هذه اللقاءات الهامة تأتي في الوقت الذي تهب فيه الرياح السياسية والأمنية القادمة والمتمثلة في توافق كل من إيران و الولاياتالمتحدة على ما يمكن تسميته الحل النهائي للملف النووي الإيراني الذي انتقده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأمريكي الأسبوع الماضي ، ويهدف الاتفاق الأمريكي الإيراني أو التحالف الأمريكي الشيعي العلوي في المنطقة إلى إغلاق الملف النووي الإيراني بشكل نهائي وفسح المجال أمام المشروع الإيراني ببسط نفوذه في الشرق الأوسط وأفريقيا ومن بين أمثلته الحوثيون الذين يعيثون في اليمن فساداً ، كل ذلك في مقابل ضمان أمن إسرائيل. !! كما زار الرياض بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف بهدف التعاون الإستراتيجي بين الدولتين المسلمتين .. نعيش عصراً كثير التقلبات وتغير المواقف الإقليمية والعالمية بين عشية وضحاها مع تغير "المصالح" ، وتبقي بلادنا المملكة العربية السعودية متميزة بالالتزام بالمنهج الإسلامي والوسطية و الحرص على المصالح المحكومة بالقيم الربانية ، وعلى الدعوة لتحقيق التعاون والتضامن مع الدول والشعوب المسلمة والسعي ليكون المسلمون كياناً متعاوناً في وجه المخاطر الإقليمية التي أصبحت واقعاً ملموساً بعد أن كانت في نظر البعض نظرية المؤامرة. ويحمل لواء هذا الثبات المتبصر رجل المرحلة سلمان بن عبد العزيز وفقه الله وسدده وحقق على يديه ومن تعاون معه من قيادات العالم الإسلامي كل خير لما فيه مصلحة الأمة المسلمة.